بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد و آله الطاهرين . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم إلى برنامج نهج الحياة نتوقف اليوم عند الآيات 59 حتى 66 من سورة صاد المباركة.. نشرع البرنامج أيها الاحبة بالاستماع إلى تلاوة الآيات 59 حتى 61 من هذه السورة المباركة:
هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ ۖ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ ۚ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ ﴿٥٩﴾
قَالُوا بَلْ أَنتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ ۖ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا ۖ فَبِئْسَ الْقَرَارُ ﴿٦٠﴾
قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ ﴿٦١﴾
جرى الحديث في الحلقة الماضية حول بعض العقوبات التي حددها الله تعالى للظالمين الطاغين لتشير هذه الايات إلى عذاب آخر يتمثل في الكلام الجارح و اللاذع الذي يوجهه رؤساء الضلال عندما يرون أتباعهم وهم يساقون نحو جهنّم فيقولون لهم لا مرحبا بكم فيأتي الرد من الاتباع ليلعنوا رؤسائهم ومتبوعيهم الذين كانوا السبب وراء ضلالهم ودخولهم النار. عندها يأتي النداء من الملائكة وخزنة النار يخاطب كبار الشرك والكفر والظلم بأنكم ومن اتبعكم جميعا ستدخلون جهنم داخرين.
فالايات تشير إلى ترحيب أهل النار ببعضهم البعض وهو من نوع اللوم والكلام اللاذع حيث يسعى كل منهم أن يبري ساحته من الضلال وإضلال الاخرين.
ترشدنا الايات إلى بعض العبر منها:
- إن أهل النار يلوم بعضهم بعضا و كل منهم يرى الأخر سببا في ضلالته.
- إن يوم القيامة عبارة عن التجسيد الحقيقي لكل ما قام به الانسان في الدنيا ليرى نتيجة أعماله في الاخرة.
- صحيح أن وزر رؤساء الكفر والضلال عظيم جدا ولكن هذا لا يبرر وزر الاتباع الذين اتبعوهم اتباعا أعمى. فلكل منهم حصته من العذاب الالهي .
والان أيها الاحبة نستمع إلى تلاوة الايات 62 إلى 64 من سورة ص ..:
وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَىٰ رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ ﴿٦٢﴾
أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ﴿٦٣﴾
إِنَّ ذَٰلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ ﴿٦٤﴾
عندما يبحث أتباع الغي والضلال، عن أشخاص آخرين اهتدوا إلى اتباع الاولياء والانبياء في نار جهنّم؛ يرجعون إلى ذاتهم متسائلين، ويستفسرون من الآخرين: أين اُولئك الأشخاص؟ إذ كنّا نعتبرهم مجموعة من الفوضويين والأشرار والمفسدين في الأرض، يسعون إلى الإخلال بأمن وهدوء المجتمع والقضاء على مفاخر الأوّلين، يبدو أنّ اتّهامنا إيّاهم كان باطلا، فقد كنّا نسخر منهم ونصفهم بالأشرار، وأحياناً نصفهم بأوصاف أدنى من ذلك، ونعتبرهم اُناساً حقراء لا يستحقّون أن ننظر إليهم، ولكن اتّضح لنا الآن أنّ جهلنا وغرورنا وأهواءنا هي التي أسدلت على أعيننا ستائر حجبت الحقيقة عنّا، فهؤلاء كانوا من المقربين لله ومكانهم الآن في الجنّة. نعم إن أهل جهنّم مبتلون في هذه الدنيا بالخصام والنزاع والحروب. فالنزاع والجدال يتحكّم بهم، وفي كلّ يوم يتخاصمون مع هذا وذاك.
نتعلم من الاية دروسا منها:
- لعل من يُستهزَءُ به في الدنيا يكن في الاخرة من الفائزين والمستهزئ لا يلقى في الاخرة إلا النار.
- ينبغي أن لا نحكم على الأفراد بحسب ظواهر الامور فكم من فاقد لمكانة في الدنيا يكون في الاخرة في مقام راق.
و هذه تلاوة الاية 65 و66 من سورة ص نستمع إليها:
قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ ۖ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا اللَّـهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴿٦٥﴾
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ ﴿٦٦﴾
البحوث السابقة التي تناولت موضوع العقاب الأليم الذي سينال أهل جهنّم، والاُخرى التي استعرضت العذاب والعقاب الدنيوي الذي نزل بالاُمم الظالمة البائدة، كلّها كانت تحمل طابع إنذار وتهديد للمشركين والعاصين والظالمين فتواصل هذه الايات بتوجيه الخطاب إلى النبي (ص) والتركيز على صفة الإنذار الذي ينسجم مع أجواء الايات الماضية في إنذار الكفار والمشركين الطاغين والمجرمين .
وإلى بعض من تعاليم الايتين:
- إن الإنذار والتبشير يجب أن يُستخدَما معا ليكونا سببا للوعي والحث في طريق الهداية.
- إن الكون كله تحت إدارة الله تعالى وتدبير و هيمنته، فلامؤثر في الوجود إلا الله تعالى.
بهذا نصل إلى ختام حلقة اليوم من برنامج نهج الحياة شكرا للمتابعة والى اللقاء.