بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة علي رسول الله وأهل بيته الأطهار .. أحبة القران الكريم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. ها نحن معكم ضمن حلقة أخرى من حلقات برنامج نهج الحياة لنواصل الحديث في ايات أخرى من سورة الصاد و هي الايات 29 حتى 33 و البداية مع الانصات إلى تلاوة الاية 29 من هذه السورة المباركة:
كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٢٩﴾
أشرنا في الحلقة الماضية إلى أن نظام المكافأة والجزاء في الكون يعتمد على أساس الحق والعدالة . و لذلك فإن المحسن والمسيئ ليسا سواء عند الله تعالى .. تشير الاية المباركة التي استمعنا إليها إلى أن الهدف من إنزال القران الكريم لم يقتصرعلى تلاوته وتلفّظ اللسان به، بل لكي تكون آياته منبعاً للفكر والتفكّر وسبباً ليقظة الضمير والفطرة الالهية. كما أن الله تعالى وصف الكتاب بأنه مبارك في إشارة إلى دوام إستفادة المجتمع الإنساني من تعليماته، ولكونه إستعمل هنا بصورة مطلقة، فإنّه يشمل كلّ خير وسعادة في الدنيا والآخرة.
من تعاليم الاية المباركة :
- صحيح أن في تلاوة القران فضائل عديدة ولكن الهدف من نزول القران هو التدبر في كتاب الله تعالى.
- إنّ كلّ الخير والبركة في القرآن، بشرط أن نتدبّر في آياته ونستلهم منها ونعمل بها.
- خلافا لما يتصوره البعض من أن الوحي يعارض الموازين العقلية فإنه لا يوجد في القران الكريم أمر يخالف العقل ،والحق فإن القران نزل ليوصل بالعقل البشري إلى أعلى مستويات الرقي والكمال .
نستمع معا الان إلى تلاوة الايات 30 حتى 33 من سورة الصاد المباركة :
وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴿٣٠﴾
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ﴿٣١﴾
فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴿٣٢﴾
رُدُّوهَا عَلَيَّ ۖ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ﴿٣٣﴾
أحبتنا المستمعين تواصل هذه الآيات البحث بشأن داوود(ع).فالآية الاُولى تزفّ البشرى لداوود(ع) في أنّه سيرزق بولد صالح هو سليمان، وسيتولّى الحكم وأعباء الرسالة من بعده . " إنه أوّاب " أي مطيع لله وممتثل لأوامره، والذي يتوب إلى الباري عزّوجلّ إثر أبسط غفلة أو زلّة . الآية التالية تبدأ بقصّة خيل سليمان، التي فسّرت بأشكال مختلفة، حيث أنّ البعض فسّرها بصورة سيّئة ومعارضة لموازين العقل. على كل حال يستشف من الآية مع القرائن المختلفة المحيطة بها، أنّه في أحد الأيّام وعند العصر إستعرض سليمان (ع) خيوله الأصيلة التي كان قد أعدّها لجهاد أعدائه، إذ مرّت تلك الخيول مع فرسانها أمام سليمان (ع) في إستعراض منسّق ومرتّب. وذلك لأن الملك العادل وصاحب النفوذ عليه أن يمتلك جيشاً قويّاً، وفي الواقع فإن الخيول السريعة هي إحدى الوسائل المهمّة التي يجب أن تتوفّر لدى ذلك الجيش.
ولكي يطرد سليمان التصوّر عن أذهان الآخرين في أنّ حبّه لهذه الخيول القويّة ناتج عن حبّه للدنيا،فقال : " إنّي أحببت حبّ الخير عن ذكر ربّي" بمعنى انّي اُحبّ هذه الخيل من أجل الله ولتنفيذ أمره، واُريد ها لجهاد أعداء الله . واستمرّ سليمان (ع) ينظر إلى خيله الأصيلة المستعدّة لجهاد أعداء الله، وهو يعيش حالة من السرور، حتّى توارت عن أنظاره ؛ عندها أمرسليمان (ع) بإعادة عرض الخيل مرّة اُخرى فقال "ردّوها عليّ. وعندما نفّذت أوامره بإعادة الخيل، عمد سليمان (ع) إلى مسح سوقها وأعناقها . وبهذا الشكل أراد أن يشيد بجهود مدربي تلك الخيول، وأن يعرب لهم عن تقديره لها، لأنّ من الطبيعي لمن أراد أن يعرب عن تقديره للجواد أن يمسح رأس ذلك الجواد ووجهه ورقبته وشعر رقبته، أو يمسح على ساقه.
وإلى بعض من تعاليم الايات المباركات :
- إن اعلى مرتبة يبلغه الانسان في مدارج الكمال والقرب الالهي هو مقام العبودية لله تعالى.
- إن العناية البالغة لحراس الأمن والأمان في المجتمع من واجبات الحاكم كما أن الاستعراضات العسكرية بحضور حاكم البلاد أمر يستحسنه القران .
- على حاكم البلاد أن يكون مطلعا على المستوى الكمي والكيفي للتجهيزات والاليات العسكرية وله أن يناور بها أمام أعدائه .
.. في الختام نشكركم على المتابعة ..نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .