بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة على رسول الله واهل بيته الكرام .. السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله وبركاته .. اهلا بكم في لقاء جديد مع برنامج نهج الحياة إذ نواصل التامل في الايات 39 إلى 42 من سورة الأحزاب المباركة .. فلننصت إلى تلاوة الاية 39 من هذه السورة المباركة ..
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّـهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّـهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ حَسِيبًا ﴿٣٩﴾
تتحدث هذه الآية عن أحد أهم برامج الأنبياء العامّة وهو عدم الخشية مما سوي الله في طريق الدعوة إلى الله وتبليغ رسالاته ، وهذا الامر يأتي استكمالا للموضوع الذي أشارت إليه الايات في الحلقات السابقة فعندما يأمر الله سبحانه نبيه بأن يحطّم سنّة جاهلية خاطئة في مسألة زواج مطلّقة المتبنّي، وان يتزوّج بزينب مطلّقة زيد، فيجب أن لا يدع لأدنى قلق وخوف من قول هذا وذاك في تأدية هذا التكليف إلى نفسه سبيلا، فإنّ هذه سنّة جميع الأنبياء (ع).
فيجب أن يسيروا بحزم وثبات، ويستوعبوا كلمات المسيئين الجارحة غير المتزنة، ويستمرّوا في طريقهم دون أن يهتّموا باصطناع الأجواء ضدّهم، وضجيج العوام، وتآمر الفاسدين والمفسدين وتواطئهم، لأنّ كلّ الحسابات بيد الله سبحانه، ولذلك تقول الآية في النهاية: (وكفى بالله حسيباً).
نستلهم من الاية دروسا منها:
- إن الداعية الإسلامي بحاجة إلى التقوى الإلهي والجرأة و الصرامة و من لم يمتلك هذه الصفات فلن ينجح في إيصال مهمته أبدا .
- إن الله عنده أجر المتاعب والمصاعب التي يتحملها الداعية في سبيل نشر الدين و إيصاله للناس .
والان ننصت إلى تلاوة الاية الاربعين من سورة الاحزاب:
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴿٤٠﴾
هذه الآية هي آخر ما بيّنه الله سبحانه فيما يتعلّق بمسألة زواج النّبي (ص)بمطلّقة زيد لكسرعرف جاهلي خاطيء، وهي جواب مختصر كآخر جواب يقال هنا، وتبيّن في نهايتها حقيقة مهمّة اُخرى - وهي مسألة الخاتمية - بمناسبة خاصّة.
تقول أوّلا: (ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم) لا زيد ولا غيره، وإذا ما أطلقوا عليه يوماً انّه "ابن محمّد" فإنّما هو مجرّد عادة وعرف ليس إلاّ، وما إن جاء الإسلام حتّى اجتثّت جذوره، وليس هو رابطة طبيعيّة عائلية.
ثمّ تضيف الاية بأنّ علاقة النّبي (ص) معكم إنّما هي من جهة الرسالة والخاتمية فقط (ولكن رسول الله وخاتم النّبيين) وبهذا قطع صدر الآية الإرتباط والعلاقة النسبية بشكل تامّ وقطعي، وأثبت ذيلها العلاقة المعنوية الناشئة من الرسالة والخاتمية، ومن هنا يتّضح ترابط صدر الآية وذيلها.ولا شكّ أنّ الله العليم الخبير قد وضع تحت تصرّفه كلّ ما كان لازماً في هذا الباب، من الاُصول والفروع، والكليّات والجزئيات في جميع المجالات، ولذلك يقول سبحانه في نهاية الآية: (وكان الله بكلّ شيء عليماً).
ينبغي الإلتفات إلى أنّ النبي "خاتم الأنبياء" يعني أنّه خاتم المرسلين، وما ألصقه بعض مبتدعي الأديان لخدش كون مسألة الخاتمية بهذا المعنى، من أنّ القرآن قد اعتبر النّبي (ص) خاتم الأنبياء لا خاتم المرسلين، إنّما هو خطأ كبير، لأنّ من كان خاتماً للأنبياء يكون خاتماً للرسل بطريق أولى، لأنّ مرحلة "الرسالة" أسمى من مرحلة "النبوّة" .
ترشدنا الاية إلى عبر ومفاهيم منها:
- إن الاسلام آخرالأديان السماوية و القران هو آخر كتاب أنزله الله تعالى لهداية البشر .
- إن خاتمية نبي الاسلام لم تكن إلا على أساس علم الغيب الإلهي الذي يعلم أن السعادة البشرية تتحقق إلى آخر حياة البشر على وجه البسيطة بواسطة الالتزام برسالة الإسلام .
والان إليكم تلاوة مرتلة للايتين 41 و42 من سورة الاحزاب:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴿٤١﴾
وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿٤٢﴾
تدعو هذه الايات المؤمنين إلى الذكر والتسبيح في جميع الاحوال لأن اسباب الغفلة عن ذكر الله تعالى لكثيرة في اليوم والليلة .فمنها الأسباب الداخلية كهوى النفس الأمارة بالسوء وأما الأسباب الخارجية كوسوسة الشيطان وفساد المفسدين.
ترشدنا الاية إلى أن ذكر الله لا يتحقق من خلال اللسان فحسب بل على الانسان أن يبحث عن رضا الله تعالى في جميع الأمور و هذا هو ذكر الله تعالى .
إلى هنا نصل إلى ختام حلقة اليوم من برنامج نهج الحياة حتى الملتقى في أمان الله .