أشعر بالحزن والأسى على ما آلت إليه أوضاع العالم ونحن ضمنه بسبب نازلة كورونا!!.
لا أحد بمأمن من التداعيات السياسية والاجتماعية لهذا المرض الذي اجتاح العالم وتسبب بحالة من الذعر آثارها أشد وطأة من المرض ذاته!!.
يقول تعالى: (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آَلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآَخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) هود 101-103.
يقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: (وَلَيْسَ شَيْءٌ أَدْعَى إِلَى تَغْيِيرِ نِعْمَةِ اللَّهِ وَتَعْجِيلِ نِقْمَتِهِ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ دَعْوَةَ الْمُضْطَهَدِينَ وَهُوَ لِلظَّالِمِينَ بِالْمِرْصَادِ).
ويقول سبحانه: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ).
هل ما زال الناس يناقشون ما إذا كان العالم قد امتلأ ظلما بالفعل أم أن كأس الظلم ما زال ينادي: هل من مزيد؟!.
نتحدث ونذكر فالذكرى تنفع المؤمنين ولا نقترح شيئا بعينه لأنهم يعرفون ما يتعين عليهم فعله عل هذا يسهم في صرف البأساء والضراء ولأن الله تبارك وتعالى لم ولن يغلق أبواب رحمته في وجه عباده البائسين الخائفين الذين لا يجدون ملاذا إلا رحمة الله.
بالأمس شاهدت شيخا يردد ببلاهة منقطعة (شكرا كورونا) وكأن كورونا جاءت ومعها العيد ولم يبق إلا أن يغني (أهلا بالعيد) لأن كورونا رضي الله عنها جاءت لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وأنها أجبرت الرجال والنساء على ارتداء النقاب اتباعا للسنة النبوية وحالت بينهم وبين ما يشتهون من (تعاطي الشيشة والدخان) و(أغلقت الخمارات والسينمات) ولم يبق إلا أن يقول (بكورونا تتم الصالحات)!!.
ربما يعتقد الشيخ ومن على شاكلته أيضا أن كورونا هي مبعوث العناية الإلهية الذي سيعيد إنتاج الوهابية كنموذج للإيمان الصحيح دون أن يدرك أن الوهابية هي مجرد ذيل تابع للهيمنة الأمريكية التي تتعرض الآن لزلزال عنيف أخطر ما فيه توابعه وهزاته الارتدادية!!.
قطعا نرحب بإغلاق البارات والخمارات إلا أننا نعتقد أن على الشيخ ومن على شاكلته أن يوجه قدرا أكبر من الاهتمام بقضية العدل فربما كانت الدعوة إلى وقف الظلم والعدوان والإرهاب وسيلة تتوسل بها البشرية إلى الله ليكشف عنها ما تعانيه من بأساء وضراء والأهم من هذا أن يهديها سواء السبيل ويدلها على سبيل الرشاد وألا يبقيها في التيه!!.
ألم يسمع الشيخ قوله تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
الآن تقف البشرية كلها على مفترق طرق بعد انكشاف حجم الخواء الأخلاقي للغرب ليس لمجرد وجود بارات وخمارات بل لانكشاف كم هم كاذبون حينما يتعلق الأمر باحترام كرامة الإنسان وحقه في حصة عادلة من الثروة وضمان حق الرعاية الصحية التي هي واجب والتزام ملقى على عاتق أي دولة وليست مجرد سلعة تباع لمن يقدر على دفع ثمنها!!.
الأسوأ من النظم الحاكمة في الغرب من يرى أنها النموذج والمثل وأن اللحاق بها والسير على خطاها هو الفوز العظيم بينما يقف الغرب الآن عاجزا عن تقديم ما يحتاجه مواطنوه من علاج وخدمات.
وبدلا من أن تقدم وافر الشكر والتحية لكورونا كان من المتعين أن تساهم في تقديم إجابة عماذا ينوي العرب الزاحفون تحت أقدام الغرب أن يفعلوا وهل سيكون خيارهم استبدال سيد غربي بآخر شرقي كما يردد البعض الآن بطفولة وسذاجة!!.
ما الذي يمنعنا من البحث عن بديل إسلامي يحفظ كرامتنا وسيادتنا وما تبقى من ثروات كانت لنا قبل أن نبددها فداء لترامب (الأبدي)؟!.