بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واهل بيته الطاهرين.
السلام عليكم مستمعينا الكرام واهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج: نهج الحياة حيث تفسير آيات اخرى من سورة الفرقان الزاكية ونبدا بالآيتين الخامسة والثلاثين والسادسة والثلاثين:
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا ﴿٣٥﴾
فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا ﴿٣٦﴾
ان القرآن الكريم اشار في العديد من آياته الى الصراع التاريخي المستمر بين الحق مع الباطل، والعدل مع الجور.
وفي هذا النص اشارة الى رسالة كليم الله موسى عليه السلام الذي بعثه الله عزوجل الى بني اسرائيل نبيا والذي وقف بوجه الظلم الفرعوني، وعلى رغم من ان الكليم عليه السلام جاء بالمعجزات الالهية اثباتا لنبوته بيد ان فرعون والسائرين في ركابه رفضوا نداء ذلك النبي وحاربوه ووقفوا في طريق دعوته.
لكن عاقبة الظالمين الهلاك والخزي والعار اذ كانت نهاية فرعون والفراعنة الموت غرقا، كان ذلك مصيرهم ولبئس المصير.
واما الدروس المستفادة من هذا النص فهي:
- ان الانبياء عليهم السلام معلمو البشرية انهم بذلوا كل ما في وسعهم لهداية الناس الى سبيل الرشاد.
- ان من الاساليب الناجحة للدعوة الى الله تعالى، العمل الجماعي وتشريك المساعي والهمم.
- ينبغي ان ناخذ الدروس والعبر من التاريخ وان نجعل وجهتنا على الدوام صوب الحق لا الى جهة الباطل، فالقرآن يقول: ان الباطل كان زهوقا.
ويقول تعالى شانه في الآيات السابعة والثلاثين والثامنة والثلاثين والتاسعة والثلاثين من سورة الفرقان المباركة:
وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً ۖ وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿٣٧﴾
وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَٰلِكَ كَثِيرًا ﴿٣٨﴾
وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ ۖ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا ﴿٣٩﴾
في هذه الآيات اشارة الى سوء عاقبة الامم والاقوام التي كذبت بالرسل، ومن تلك الاقوام قوم النبي نوح عليه السلام الذي كان من اولي العزم، وقد بقي في قومه يدعوا الى ربه والى عقيدة التوحيد 950 عاما قبل هلاكهم بالطوفان، ولم يؤمن بنبوته رغم طول هذه المدة سوى عدد قليل. واهلك الله سبحانه القوم الكافرين بالطوفان الذي لم ينج منه الا نبي الله واتباعه الذين ركبوا الفلك.
والى قوم عاد بعث الباري جل وعلا النبي هودا عليه السلام والى ثمود النبي صالحا عليه السلام.
عاد وثمود كانوا يسكنهم في جزيرة العرب والنواحي القريبة منها وعلى مايبدو فان من آثارهم لاتزال قائمة الى اليوم.
وجاء في القرآن الكريم ذكر اصحاب الرس الذين قتلوا نبيهم بعد ان كذبوه.
وبشكل عام فان كتاب الله العزيز قص اخبار الماضين، وما خصه هو احسن القصص فيه العبر وفيه مواساة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي كذبت قريش دعوته الشريفة.
واليكم الآن الدروس المأخوذة من هذا النص:
- ان في القرآن الكريم كثير من دروس الحياة، لا بل إنه دستور الحياة الخالد لاتفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه كما يقول اميرالمؤمنين علي عليه السلام.
- ان الظلم الكبير هو تكذيب الرسل والانبياء عليهم السلام.
- ان الله العلي القدير يتم حجته على عباده فان لم يسلّموا للحق فان لهم العذاب، ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم.
اعزاءنا الكرام وآخر آية نفسرها في حلقة هذا اليوم الآية الاربعين من سورة الفرقان الشريفة:
وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ ۚ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا ﴿٤٠﴾
كان قوم النبي لوط عليه السلام الى جانب كفرهم ياتون الفاحشة فباءوا بغضب من الله الجبار؛ حيث امطرت السماء عليهم حجارة اهلكتهم. وكان قوم لوط عليه السلام يصيطرون على الطريق مابين الحجاز والشام، وكان كفار مكة يسلكون هذا الطريق في تجارتهم. لكن ابصارهم عميت عن آثار قوم كذبوا نبي الله وانكروا الحق.
وما هذا الا لأن مشركي مكة ماكانوا بالقيامة والآخرة يعتقدون بل لهما كانوا منكرون.
اجل ان العذاب الالهي كان مصير من كذب برسالات السماء، وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون.
ويفيدنا نص الآية الاربعين من سورة الفرقان ما يلي:
- ان الآثار القديمة ليست وسيلة للسياحة والتجوال فقط بل منها تظهر الدروس والعبر، فما اجدرنا ان نقف عندها متفكرين لا همستمعين فقط.
- في التاريخ مناهج للتربية والتعليم وهو مرآة الماضي امام اجيال الحاضر والمستقبل.
- ان انكار القيامة والآخرة هو سبب هلاك الانسان في الدنيا.
جعلنا الله تعالى واياكم من المتمسكين بعرى الرسل الكرام والسائرين على نهج خير الانام آمين يا رب العالمين. الى اللقاء والسلام خير ختام.