بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الانبياء والمرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم حضرات المستمعين واهلاً بكم في حلقة اخرى من برنامج نهج الحياة.

لازال تفسيرنا لآيات سورة المؤمنون المباركة، حيث نسمعكم تفسير بضع آيات منها ونبدا بالآيتين الخامسة بعد المئة والسادسة بعد المئة:

أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴿١٠٥﴾

قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ﴿١٠٦﴾

اكدت الآيات الكريمة التي سبقت هاتين الآيتين ان عمل الانسان هو الذي يحدد مصيره في الآخرة، فان كان من المؤمنين الصالحين كانت الجنة ماواه وان كان من الكافرين كانت النار مثواه.

ويوم القيامة يخاطب الله تعالى اهل النار ويقول لهم مامؤداه: الم ابعث لكم رسلاً وانبياءً يهدونكم سبل الرشاد والهداية فلماذا كفرتم وضللتم؟

وياتي الجواب من الكافرين ان الشيطنة والقسوة سيطرتا على قلوبنا واظلمتا عقولنا فضللنا ولم نستطع الى الهدى سبيلا وها نحن من الخاسرين.

والحقيقة ان الانسان يولد على الفطرة، فلا يولد كافرا لكنه بعمله السيّئ يكفر ويضل السبيل.

والمستفاد من هذا النص:

• ما كان الله ليعذب احدا الا بعد ان يبعث اليه رسولا للهداية ويتم الحجة عليه.
• يوم القيامة يعترف الكفار بخطإهم. لكن ما جدوى هذا الاعتراف وقد فات الاوان؟

ونستمع الآن احبة القرآن الى الآيتين السابعة بعد المئة والثامنة بعد المئة من سورة المؤمنون:

رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ﴿١٠٧﴾

قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ﴿١٠٨﴾

بعد اعتراف الكفار بكفرهم يطلبون من الله تعالى شانه ان يعيدهم الى الدنيا ليعملوا صالحا فيها. ولا يستجاب لطلبهم هذا لان القيامة قامت والآخرة قدمت، والآخرة دار يرى الانسان فيها نتائج عمله.

اجل حضرات المستمعين ان الله عزوجل وهو الحاكم العادل لايظلم احداً، فالنار ماوى المجرمين والجنة ماوى المؤمنين.

(( وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون)) صدق الله العلي العظيم.

والدروس الماخوذة من النص هي:

•  على الانسان ان يستثمر فرص الدنيا ويوضفها لخير آخرته لا لشرها كي لا يعيش الحسرة والخسران في دار البقاء.
• ان التكبر والكفر والغرور تغير ماهية الانسان وتجعله لا يبدوا انسانا يوم القيامة. بل تنزله الى مرحلة دون مرحلة الانسانية.

ويقول العلي القدير في حميد خطابه في الآيات التاسعة بعد المئة والعاشرة بعد المئة والحادية عشرة بعد المئة من سورة المؤمنون:

إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ﴿١٠٩﴾

فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ ﴿١١٠﴾

إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴿١١١﴾

ان هذه الآيات الشريفة تشير الى كفر الكفار واستهزاءهم بالمؤمنين وتحقيرهم.

ويرى الكفار المؤمنين اناساً جبناء وما هم كذلك. انهم في الواقع يخافون الله لانهم يريدون الاستظلال بظل رحمته يوم لاظل الا ظله.

ويوم القيامة ينعم المؤمنون الجنان حيث يفي الباري سبحانه بوعده لهم ويكون الكافرون في النار يصلون سعيرها. فالله يمهل ولايهمل وهو عز اسمه لايخلف الميعاد.

والان تعالوا لننهل من الدروس المستوحاة من هذه النصوص الشريفة:

•  ان من لوازم الايمان طلب المغفرة من الخالق المنان، فالمؤمن يستغفر ربه ويرجو رحمته ويامل رضوانه.
•  ان الاستهزاء بالمؤمنين ينسي الانسان ذكر الله العظيم.
•  ان الفلاح في الآخرة هو للصابرين المحتسبين الذين على ربهم يتوكلون.

جعلكم الله وايانا من الصابرين المتوكلين عليه التواقين لرحمته ورضوانه آمين يارب العالمين.

مستمعينا الافاضل وصلنا واياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة انتم باذن الله في الحلقة القادمة على موعد مع تفسير آيات كريمة اخرى من سورة المؤمنون. الى اللقاء والسلام خير ختام.