بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على بشير النذير والسراج المنير مولى الثقلين وسيد الكونين سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله وعلى اهل بيته سفنا النجاة ومصابيح الهدى في الهلكات.
السلام عليكم حضرات المستمعين الاكارم، ها نحن واياكم في افياء القرآن الكريم وفي رحاب سورة المؤمنون المباركة لنقدم لكم تفسير آيات اخرى منها.
ونبدا بالآية الخامسة والسبعين:
وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴿٧٥﴾
ان للعناد دور في ترسيخ اسس الكفر في النفس. هذا العناد يجعل الكافر والمشرك يتخبط في كفره وشركه وفي جهله وظلمته. والآية الكريمة المتقدمة تشير الى البلاءات التي تنزل بهم. انما يريد الله منها ايقاظهم من غفلة الجهل والعناد، وهذه من مصاديق رحمة الله للعباد.
ويفيدنا النص هذا ما يلي:
- ان المعاندين يضيعون حتى الفرص المتاحة امامهم.
- ان آخرة الطغيان الضياع والندم.
ويقول ربنا القدير تباركت اسماؤه في الآيتين السادسة والسبعين والسابعة والسبعين من سورة المؤمنون:
وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ ﴿٧٦﴾
حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ ﴿٧٧﴾
ان سنة الله اقتضت ان ينزل العذاب على الانسان الكافر والمعاند في هذه الدنيا بهدف ايقاظهم من غفلة العوامل التي توقعهم في الطغيان.
وفي الآيتين اشارة الى الغرور والتكبر هما من امراض النفس، انهما يحولان دون وصول الرحمة الالهية الى الانسان، وفي يوم القيامة يرى المتكبر ذليلاً خاسئاً وخاسراً. انه يندم على ما فعله في دنياه لكن لاجدوى من ذلك الندم وقد فات اوان الاوبة والتوبة ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم.
والمستفاد من النص الشريف:
- ان الكافر المعاند محروم من رحمة الله والعناد يزيد من غفلته.
- ان العذاب الدنيوي هو اسلوب لتنبيه الانسان بانه في طريق معوجة، ليس هو من قبيل الانتقام.
والقرآن الكريم يقول:
وماظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون.
صدق الله العلي العظيم.
ولنستمع احبة القرآن الى تلاوة الآيات الثامنة والسبعين والتاسعة والسبعين والثمانين من سورة المؤمنون:
وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴿٧٨﴾
وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿٧٩﴾
وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿٨٠﴾
ان هذه الآيات تذكر جانباً من النعم الالهية على الانسان وانها تحثه على شكر المنعم المتعال الذي افاض هذه النعم وغيرها على الانسان واكرمه.
وقد اشارت الآيات الى امهات النعم التي تعين الانسان على معرفة الحق للنجاة من اتباع الباطل وهي نعم السمع والبصر والعقل وهي نعم تساهم في نضجه وتقدمه لكن مع كل هذه النعم فان الشاكرين لله المنعم جل جلاله قليلون، والقرآن الكريم يقول:
وقليل من عبادي الشكور.
صدق الله العلي العظيم.
ان شكر الله لا يقتصر على الشكر اللساني بل يمتد الى الايمان القلبي، فالايمان شكر للنعم والكفر كفر للنعم.
ونتعلم من هذا النص المبارك:
- ان العين الباصرة والاذن السامعة لا يختص بهما الانسان. والملاحظ ان للحيوانات عيون وآذان. لكن في الانسان عقل يفتقده الحيوان وهكذا يتميز الانسان في ادراكه المحسوسات وغير المحسوسات. وانه والحق يقال افضل المخلوقات.
- ليس الموت نهاية الحياة. انه انتقال الى مرحلة البرزخ ومن بعد ذلك الحياة الاخرى.
غفر الله لنا ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.