بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الاطهار.
حضرات المستمعين الاكارم
سلام من الله عليكم واهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة وتفسير آيات اخرى من سورة المؤمنون حيث نبدا بالآية الثالثة والستين:
بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَـٰذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذَٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ ﴿٦٣﴾
لاحظنا في الحلقة الماضية ان الآيات السابقة لهذه الآية بينت مميزات المؤمنين وخصائص الكافرين، وتاتي هذه الآية لتقول لنا ان الكفار غرقوا في مستنقع حب الدنيا وزخرفها فنسوا الله جل جلاله ونسوا انهم لا ريب مبعوثون ليوم الحساب، يوم لاينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.
ومن الطبيعي ان الانسان الكافر ياتي بالسيئات من الاعمال ولايبالي.
وان ما عند المؤمن من حياء لايوجد عند الكافر.
والعجب كل العجب من بعد هذا هو افتخار الكافر بعمله السيء يرى فيه احياناً دليل التمدن والتحضر في حين ان حقيقته الانحدار في مهاوي الحياة البهيمية.
ويفيدنا النص الشريف، الآتي:
- ان الغفلة عن معرفة الحقيقة تؤدي الى انحراف الانسان في الفكر والعمل.
- ان الاصرار على اتيان السيئات يجعل الانسان اسيرا لها.
ويقول تعالى في الآيتين الرابعة والستين والخامسة والستين من سورة المؤمنون:
حَتَّىٰ إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ﴿٦٤﴾
لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ ۖ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ ﴿٦٥﴾
ان الكفار يتخبطون في ظلام الجهل والغفلة ويبقون على هذه الحال ما لم تستنر عقولهم بنبراس الحقيقة.
وحينما ينزل العذاب الالهي ينتبه الكفار الى انهم كانوا في غفلة. لكن ما جدوى هذا الاستيقاظ المتاخر من نوم الغفلة. وما فائدة ندم لا ينفع من بعد ذلك. حيث ان العقاب آت لامحالة والقرآن الكريم يقول: وما ظلمناهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون. والدروس الماخوذة من نص الآيتين المفسرتين هي:
وما ربك بظلام للعبيد.
ولنستمع الآن الى تلاوة الآيتين السادسة والستين والسابعة والستين من سورة المؤمنون حيث يقول جل شانه:
قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ ﴿٦٦﴾
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ﴿٦٧﴾
ان في هذا النص الشريف ما يؤشر على ان الكفر في بعض الاحيان لا ياتي عن جهالة بل عن علم ومعرفة.
وكان كفار مكة بكل غرور وتكبر يصمون آذانهم عن سماع آيات الوحي المبين حينما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتلوها على مسامع الناس.
ويحدثنا التاريخ ان الكفار كانوا يتطاولون في احاديثهم الخاصة على مقام الرسالة الالهية. لكن عين الله ناظرة اذ ان لهؤلاء الكفار العذاب وسوء الدار ذلك بما كسبت ايديهم وبما كانوا يكفرون ولاحول ولاقوة الا بالله العلي العظيم.
والدروس الماخوذة هنا هي:
- ان روح التكبر تحول دون سماع الانسان لداعية الحق فما ظننا بالعمل به.
- ان من يفتقدون المنطق السليم في الاستدلال يلجؤون الى العصبية والعناد.
وآخر آيتين نفسرهما في هذه الحلقة هما الآيتان الثامنة والستون والتاسعة والستون من سورة المؤمنون:
أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ﴿٦٨﴾
أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ﴿٦٩﴾
ان الدين الاسلامي الحنيف جاء مكملاً لما سبقه من الاديان الالهية ولو ان الكفار تخلوا عن عنادهم لاتضحت لهم هذه الحقيقة.
ان كفار مكة كانوا على علم بالتوراة والانجيل وان القرآن الكريم هو مثله سابقيه داع الى التوحيد فلماذا رفضه الكفار اذا؟
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معروف بالصدق والامانة وحسن الصفات في قومه حتى انهم لقبوه الصادق الامين. ومن بعد هذا كيف يمكن للكفار انكار دعوته المباركة وتكذيب رسالته صلى الله عليه وآله وسلم التي هي استمرار لسابق الرسالات السماوية وختام لها. واخيرا الى الدروس الماخوذة من النص المفسر فمنها:
- ان الله يذم الكافرين لانهم لا يتدبرون في القرآن. والقرآن يقول: افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها.
- ان الرسل والانبياء عليهم السلام هم جميعا دعاة التوحيد وليس من المنطق التصديق برسول دون آخر.
لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب. حضرات المستمعين الافاضل هكذا انتهت حلقة هذا اليوم من برنامج: نهج الحياة. الى اللقاء والسلام خير ختام.