بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطاهرين المعصومين المنتجبين.
السلام عليكم، إخوة الإيمان في كل مكان ها نحن وإياكم في حلقة أخرى من نهج الحياة وكنا قدمنا تفسيراً موجزاً للآيات الست الأولى من سورة الأنبياء (ع).
وفي هذه الحلقة نقدم تفسيراً لآيات أخرى منها ونستمع الآن إلى تلاوة الآيتين السابعة والثامنة من هذه السورة المباركة:
وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۖ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴿٧﴾
وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ﴿٨﴾
في الحلقة السابقة ذكرنا أن كفار مكة لما صدع النبي الأكرم (ص) بالرسالة الخاتمة خالفوه وعارضوه وسلكوا مع الدين الحق سبل العناد.
في بعض الأحيان كانوا يقولون أن النبي (ص) هو كسائر الناس وما حديثه إلا لون من ألوان السحر، وأبعد من هذا راحوا حينما قالوا إن وحي الله الذي نزل على نبي الله ما هو إلا أضغاث أحلام.
ووصفوا الرسول الكريم بأنه شاعر نسج من خيال شعره ما كان يقول، وبعد كل هذه التقولات الباطلة أرادوا من رسول الله (ص) المعجزة وقالوا إن للرسل السابقين معاجز فأين معجزتك؟
ولكن لا معنى لإشكالات الكفار في كل زمان ومكان، ذلك أن من يراجع تاريخ الأديان يرى أن الأنبياء (ع) هم من الناس اصطفاهم الله لرسالاته وأودع في نفوسهم الكريمة أماناته فبلغوا للناس وأدوا ما عليهم من واجب إلهي تجاه البشرية.
والذي يفيده لنا هذا النص الشريف:
- إن في إمكان الإنسان أن يكون على ارتباط بالوحي الإلهي وهذه الإمكانية تتوفر حسب المشيئة الإلهية والله أعلم حيث يجعل رسالته.
- إن القرآن الكريم أوحى بالسؤال من أهل العلم فالله جل جلاله يقول (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).
- إن الرسل والأنبياء من ناحية الخلق ونواميسه كسائر الناس يولدون ويموتون وليس لهم الحياة الخالدة.
ويقول تعالى في الآية التاسعة من سورة الأنبياء المباركة:
ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ﴿٩﴾
يتوضح من هذه الآية أن وعد الله حق في نصرة المؤمنين وهلاك الكافرين.
والذي نأخذه من هذه الآية:
- إن وعد الإلهي أمر حتمي لا شك فيه، ولقد أثبت لنا التاريخ أن الحق هو المنتصر والباطل هو المندحر وما النصر إلا من عند الله.
- إن الإسراف ليس في الماديات فحسب، بل إن من يقف بوجه الحق إنما يظلم نفسه وهو من المسرفين الذين أسرفوا بحرمان نفوسهم من بركات الإيمان.
وآخر آية نفسرها في هذه الحلقة هي الآية العاشرة من سورة الأنبياء المباركة وهي قوله تعالى:
لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٠﴾
إن آيات القرآن الكريم تهدف إلى إيقاظ الناس من السبات الفكري وتوعيتهم وإخراجهم من دوائر الغفلة، ولذلك ففيها سعادة الدارين الدنيا والآخرة لمن استضاء بأنوارها وسار في أفيائها، وهي ليست من أضغاث الأحلام وخيال الناس كما يدعي الكفار والمشركون.
لكن الذي يستضيء بأنوار القرآن هم الذين للفكر والعقل يتبعون، أما الذين وراء الشهوات وهوى النفس يسيرون محرومون من الفيوضات الربانية فإنهم يعيشون ظلام الغفلة الدامس وليس لهم من نبراس القرآن حظ ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وأما الدروس المستقاة من هذه الآية فهي:
- إن القرآن الكريم هو السبيل لتوعية الإنسان في كل مكان وزمان وإن غفلة الإنسان عن نفسه ووجوده هو الخطر الأكبر الذي يحدق به على أن القرآن يحرر النفس من حبائل غفلتها.
- إن تكذيب أنبياء الله تعالى والرسالات السماوية دليل على حماقة الإنسان، ذلك أن سعادة الإنسان هي في التمسك بالقرآن الكريم، فهو الشكل الذي أمر النبي (ص) بالتمسك إلى جانب العترة المحمدية الطاهرة وهما حبل الله المتين المنجي من الضلالة.
جعلنا الله وإياكم من المستنيرين بالقرآن والعاملين به والسائرين على نهجه القويم.
طبتم وطابت أوقاتكم حضرات المستمعين الأفاضل والسلام عليكم.