البث المباشر

تفسير موجز للآيات 45 الى 49 من سورة الكهف

الثلاثاء 3 مارس 2020 - 02:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 507

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المصطفى الأكرم نبينا وسيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين والسلام عليكم أعزائي المستمعين ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم الى حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة، والتي سنبدؤها بتلاوة عطرة للآية 45 من سورة الكهف، فلننصت إليها خاشعين:

 

وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ ۗ وَكَانَ اللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا ﴿٤٥﴾

أيها الأخوة والأخوات؛ في الآيات السابقة ضرب الله مثلاً، هو حكاية رجلين أحدهما مؤمن والآخر كافر، إتضح منها أن الغرور والتكبر يعودان على الإنسان بالوبال في الدنيا والآخرة، أما في هذه الآية وما بعدها فإنه جل وعلا يبين تغيير أوضاع الدنيا، وإن الدنيا مثلها مثل زرع دون جذور ينبت ويخضر ويكثر إذا نزلت عليه الأمطار، وما إن تهب عليه رياح محرقة حتى يجف ويموت، ففي فصل الربيع ترى الزرع أخضراً طرياً وفي الخريف والشتاء تجف الأشجار والزرع وتسقط الأوراق، إذاً لا حاجة أن يطول بك العمر حتى تعرف أن عمر النباتات قصير، فأنت ترى هذا المنظر أمام عينيك كل عام، هذا ما يحدث بشكل طبيعي للنباتات، وكم من شجرة ونبتة أصابتها الآفات وأهلكتها قبل إقرانها.

من كل هذا نستنتج:

  • القرآن كتاب تربية ويبين حقائق الكون للناس بضرب الأمثال.
  • علينا أن لانغتر بمظاهر الدنيا الزائلة وعلينا أن نفكر بالباقيات الصالحات التي تنفعنا يوم القيامة.

 

والآن أيها الأخوة لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 46 من سورة الكهف:

الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴿٤٦﴾

بعد تشبيه الدنيا بعمر النباتات القصير، تتحدث هذه الآية عن الأموال والأولاد وإنها مظاهر للدنيا ولاتنفع أحداً يوم القيامة كثرة أمواله وأولاده، بل إن ما ينفع هي الأعمال الصالحة التي ترافق الإنسان الى الحشر، وكم من أعمال كانت رياءاً أو اتبعتها منّة فحبطت ولايصل منها الى الآخرة شيء، لذلك ذكرت آيات القرآن الكريم أن من يأتي يوم القيامة بأعمال صالحة يجزى بأضعافها، أما هذه الآية فتذكر أن ثواب الله أفضل وأحسن بكثير من أعمالكم، وإن كنتم ترجون شيئاً فارجوا رحمة وثواب الله، وليس ثواب الآخرين.

من هذه الآية نستنتج:

  • تجنبوا أن يدفعكم الغنى والفقر الى الغرور أو اليأس، فالمهم الآخرة وليست الدنيا وأن الحساب هناك على أساس العمل وليس المال والمنصب.
  • كل ما في الدنيا آيل الى الزوال ولاتبقى ولاتدوم إلا الأعمال الصالحة التي ضمن الله لها ثوابها منه عزوجل.

 

والآن أيها الأفاضل لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآيات 47و48و49 من سورة الكهف:

وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴿٤٧﴾

وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا ﴿٤٨﴾

وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴿٤٩﴾

بعد توضيح زوال الدنيا وكل ما يتعلق بها، تتناول هذه الآيات بالحديث أحوال يوم القيامة، في ذلك اليوم تزول الدنيا التي تعرفونها فتتفت الجبال وتتسطح الأرض ويتلاشى نور الشمس والكواكب ويظهر عالم جديد آخر يقوم على نظام آخر جديد.

في ذلك اليوم يحشر البشر كلهم أجمعين في مكان واحد وفي يوم واحد في محكمة العدل الإلهي، ويوضع الكتاب الذي أحصى كل شيء وتتوضح فيه تكاليف وواجبات كل شخص ما فعله وما قاله، فترى المجرمين خائفين فرقين، لأنهم يعرفون جيداً ماذا فعلوا وأية جرائم ارتكبوا ويرون كل شيء أمامهم "إنا كنا نستنسخ ما كانوا يعملون" فلا ينفعهم الإنكار ولاطريق أمامهم للفرار.

من هذه الآيات نستنتج:

  • إن الناس يحضرون يوم القيامة بأجسامهم كما كانوا في الدنيا بأجسامهم.
  • الغفلة عن يوم القيامة وإهمال التفكير به سيؤدي بالإنسان الى الحسرة والخوف من يوم القيامة.
  • في القيامة لايرافق الإنسان إلا عمله، فهو يجد كل ما عمله في الدنيا حاضراً أمام ناظريه.

 

الى هنا أعزائي المستمعين نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة