بسم الله الرحمن الرحيم أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، والتي سنبدؤها بتلاوة عطرة للآيتين 32و33 من سورة الكهف، فلننصت إليها خاشعين:
وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ﴿٣٢﴾ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا ﴿٣٣﴾
هاتان الآيتان والآيات التي تليهما، إنما هي مثل ضربه الله عن فريقين، الفريق الأول هم عبدة الدنانير والدراهم، وقد حصلوا بفضل الله جل وعلا ونعمته عليهم على ثروات طائلة، فأصابهم الغرور والتكبر اللذان قاداهما الى الكفر.
والفريق الثاني هم الفقراء الذين كانوا محط سخرية إهانة المترفين وتحقيرهم لهم، في حين أن هؤلاء الفقراء على درجة عالية من الإيمان والتقوى ويسعون لنيل ثواب الآخرة بدلاً من السعي وراء الماديات.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- إن الماء والتراب والشمس والأشجار والحقول، كلها من نعم الله سبحانه وتعالى وإن الزارع الحقيقي هو الله عزوجل.
- إن اختلاف البشر من حيث الأموال والممتلكات هو من الحكم الإلهية، وهذه الإختلافات يجب أن لا تسبب الغرور للأغنياء أو اليأس للفقراء.
والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت وإياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآيتين 34و35 من سورة الكهف:
وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ﴿٣٤﴾
وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَدًا ﴿٣٥﴾
في الآيتين السابقتين جاء وصف رائع لبساتين وحقول وأشجار، وفي هاتين الآيتين نرى مالك هاذين البساتين قد أصابه الغرور وإنه يباهي صاحبه الذي لايملك ما يملكه، وهو يكبر أملاكه ويراها باقية الى أبد الدهر ويظن أنها لن تزول وأنه سيبقى متنعماً بهذه الثروة والأملاك، في حين أن هذا الظن إنما كان بسبب غفلته عن ذكر الله وكثرة ذنوبه وإن ظنه الواهي هذا أراده الى هذه النتيجة وهذا الإعتقاد.
من هاتين الآيتين نتعلم:
- إن التعلق بالدنيا والإتكاء على القدرة والمكنة، تهيء الأرضية للظلم والطغيان.
- إن التفاخر والتباهي والتعالي وتحقير وإهانة الآخرين، إنما هو ظلم للنفس قبل أن يكون ظلماً للآخرين، حيث يقرب الإنسان من الحيوانية ويبعده عن الله.
والآن أيها الأفاضل لننصت وإياكم خاشعين لتلاوة الآية 36 من سورة الكهف:
وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا ﴿٣٦﴾
توضح هذه الآية عاقبة التعلق بالدنيا والتباهي بها، وإن مصير هؤلاء الأفراد يؤول الى إنكار يوم القيامة وإنهم يظنون أن ليس غير الحياة الدنيا حياة، وإن التباهي والكبر قد بلغ بهم مبلغاً أنهم يقولون للمؤمنين أنه حتى إن كان كلامكم صواباً وإن هناك حياة أخرى فإننا سنحيا هناك أيضاً برفاهية وسنعيش عيشاً رغيداً، وليس كما تدعون من أنكم ستنعمون في الآخرة نتعذب نحن؛ وكأنهم يظنون أنه من حقهم التنعم بالخيرات وأن الله سيغدق عليهم نعمه في الآخرة كما في الحياة الدنيا، وكأنهم يحسبون أنهم أفضل من غيرهم في الدنيا والآخرة، في حين أن الآخرة إنعكاس لأعمالهم في الدنيا، وأن الله يحاسب البشر على أساس أعمالهم وليس أموالهم وأملاكهم، بالإضافة الى أن جميع الأموال والنعم التي يغدقها الله جل وعلا على البشر هي من لطفه وفضله على العباد، وليس بسبب استحقاقهم للنعم، ولكن الكافرين غافلين عن هذه الحقيقة.
من هذه الآية نستنتج:
- إن الأموال والقدرات تقود الى الكفرو الإلحاد إن لم تكن تصب في اتجاه الإيمان، وتؤدي بالإنسان الى أن يهوى في جهنم.
- لاقيمة للآمال التي لا تستند على الأعمال الصالحة، فلكل شيئ ثمن، وثمن الجنة الأعمال الصالحة وليس الظنون والأماني.
والآن أعزائي المستمعين نأتي وإياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.