بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه رسول إله العالمين سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين والسلام عليكم أعزائي المستمعين ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة من هذا البرنامج وقد انتهينا للآية 22 من سورة الكهف فلننصت إليها خاشعين:
سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا ﴿٢٢﴾
بعد بيان قصة أصحاب الكهف تتنبأ هذه الآية أن جماعة من الناس بدلاً من التفكير بهدف هؤلاء الرجال المؤمنين والإعتناء بهذا الأمر، يجادلون في عددهم وكل جماعة يقولون شيئاً.
ومهما كان عددهم، ثلاثة أوخمسة أوسبعة أشخاص، فهذا لا تأثير له على إيمانهم وأعمالهم وهجرتهم ولايؤثر إن كان عددهم قليلاً أو كثيراً على أهمية العمل الذي قاموا به، ولكن للأسف فإن عامة الناس قد ابتلوا بالحدس والظن ويودون أن يرجمون بالغيب حتى بشأن الأمور التي لايعرفون عنها شيئاً.
من هذه الآية نستنتج:
- تجنب المجادلة والظن والحدس والمجادلة العقيمة بشأن ما لاتعلم عنه شيئاً.
- في دراسة الحوادث التاريخية علينا إيلاء الأهمية للأهداف وليس لعدد الأفراد.
والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآيتين 23و24 من سورة الكهف:
وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا ﴿٢٣﴾
إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ ۚ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَدًا ﴿٢٤﴾
هذه الآية تحمل أمراً عاماً للجميع وإن كان المخاطب في الظاهر هو النبي (ص)، ولكن الامر لجميع المسلمين وعليه مراعاته.
استناداً الى هاتين الآيتين، على الإنسان المؤمن إذا أراد أن يفعل شيئاً في المستقبل أن لايقول إني سأفعل كذا إلا أن يردفها بقول إن شاء الله، والهدف من ذلك أن يعلم المؤمن نفسه وكذلك السامع لكلامه أن ما قاله لا يتحقق إلا أن يشاء الله، ولايتحقق أي شيئ دون مشيئته، أي على المؤمن أن يكثر من قول (إن شاء الله) كما ذكر القرآن الكريم هذه العبارة على لسان العديد من الأنبياء كيعقوب وشعيب والخضر واسماعيل.
ومن الواضح أن هذه العبارة ليست لقلقلة لسان فحسب، بل إنها تبين عقيدة وإيمان المسلم، مع أن كل فرد له إرادة واختيار، ولكن من الواضح أن وقوع أي حادث خارجي لايتبع إرادة الأفراد فحسب بل تتدخل بوقوعه أسباب وعوامل عديدة، أو بعبارة أخرى لاتقع أي حادثة ولايحدث أي شيء بدون إرادة الله عزوجل.
من هاتين الآيتين نتعلم:
- يجب أن لانعتمد على إرادتنا وقدرتنا فقط ولا نظن أننا منفصلين عن الله جل وعلا وعن إرادته، وأن لا ننسى الله سبحانه وتعالى إذا قررنا شيئاً.
- عندما يكون الأنبياء بحاجة إلى هداية الله عزوجل في أمور حياتهم، فكيف بنا نحن البشر العاديون؟ لذا علينا دائماً أن نطلب من الله تعالى أن يهدينا الى الصراط المستقيم.
والآن أيها الأكارم لننصت وإياكم خاشعين إلى تلاوة عطرة للآيتين 25و26 من سورة الكهف:
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴿٢٥﴾
قُلِ اللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴿٢٦﴾
تعود هاتان الآيتان الى رواية قصة أصحاب الكهف وتعلن أنهم بإرادة الله بقوا في الكهف أحياءاً 309 سنوات، بطبيعة الحال، لم يكن أحد منهم ولا من الآخرين يعلم مدة بقائهم، ولكن الله جل وعلا فقط هو أعلم بهم، فهو الذي حفظ أجسادهم كي يستيقظوا من نومهم بعد 309 سنين.
من الطبيعي أن بقاء جمع من الناس دون ماء وغذاء على مدى 309 سنين فهي معجزة إلهية، وإنما شاء الله أن يتم هذا الأمر كي تبقى حركة أصحاب الكهف مستمرة، ولكي يصبحوا عبرة للأجيال القادمة بعدهم ويبقى التاريخ يتناقله جيلاً بعد جيل.
من هذه الآيات نستنتج:
- في أي موضوع احتجت الى بيان أعداد وأرقام، عليك أن تذكرها بدقة وبشكل صحيح، في قصة أصحاب الكهف، فترة نومهم لها أهمية كبيرة في إدراك قدرة الله تعالى.
- الله عزوجل هو مالك الملك والعزيز الحكيم، وهو العالم بجميع الأمور، ظاهرها وباطنها، إذاً لايمكن لأحد أن يهرب من سلطانه ويلجأ إلى غيره، بل العكس، يجب أن نعوذ به من الآخرين ونستمد العون منه.
وبهذا أعزائي المستمعين نأتي وإياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في الحلقة المقبلة نستودعكم الله والسلام عليكم.