البث المباشر

تفسير موجز للآيات 15 الى 17 من سورة الكهف

الثلاثاء 3 مارس 2020 - 00:58 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 501

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تعالى نستعين إنه خير ناصر ومعين وصلى الله وسلم على خير الأنام أجمعين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم إلى حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة نبدؤها بتلاوة عطرة للآية 15 من سورة الكهف فلننصت إليها خاشعين:

هَـٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا ﴿١٥﴾

ذكرت الآيات السابقة أن أصحاب الكهف كانوا رجالاً مؤمنون قد هاجروا من ديارهم وتركوا مدينتهم في سبيل حفظ دينهم ولجأوا الى الغار، أما هذه الآية فهي تعرض لنا جزءاً من حوارهم مع بعضهم، والنتائج التي توصلوا إليها وهي أنهم ولدوا وكانوا يعيشون في وسط قومهم ويودونهم، إلا أنهم لم يعتنقوا عقائد آبائهم وأجدادهم، ذلك لأن قومهم قد تركوا عبادة الله عزوجل دون دليل واضح واتخذوا من دونه شركاء، في حين أن الله جل وعلا لم يتخذ له شريكاً، وفي الحقيقة فإن هؤلاء القوم قد كذبوا على الله تعالى، وهذا ما لم يكن أصحاب الكهف يوافقون قومهم عليه وكانوا متأسفين إذ يشاهدون هذا الإنحراف والشرك من قومهم.

من هذه الآية نستنتج:

  • العلاقات الأسرية لايمكن أن تبرر الإيمان بالعقائد المنحرفة والإنضواء تحت لواء الظالمين.
  • الكذب بحد ذاته ظلم كبير وإن الذي يكذب على الله لهو أظلم الناس.

 

والآن أيها الأخوة والأخوات ننصت وإياكم خاشعين لتلاوة الآية 16 من سورة الكهف:

وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا ﴿١٦﴾

وبعد محاورة أصحاب الكهف فيما بينهم ومع المقربين اليهم، توصلوا الى هذه النتيجة، وهي أنهم لايستطيعون هداية قومهم واصلاح عقيدتهم ولايمكنهم أن يحفظوا دينهم في هذا المجتمع المشرك، وهنا قال لهم قائدهم: الآن وقد قررتم الإبتعاد عن الأصنام وعبادتها، فتوجهوا الى هذا الغار عسى الله أن يجعل لكم مخرجاً.

من هذه الآية نتعلم:

  • إن الهجرة من المجتمع الفاسد بهدف حفظ الدين أمر واجب، حتى وإن كان يستدعي ترك النعم والإمكانات المادية والرفاهية، الحياة في الغار مع الإيمان بالله وحده وعبادته أفضل من الحياة في المدينة في جو يسيطر عليه الشرك والكفر.
  • إن القيام في سبيل الله يمهد الأرضية لنزول الرحمة الإلهية والفرج من عنده.

 

والآن مستمعينا الكرام، سننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 17 من سورة الكهف:

وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ ۗ مَن يَهْدِ اللَّـهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ۖ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا ﴿١٧﴾

تبين هذه الآية خصائص جغرافية لغار أصحاب الكهف، وهذه آية من آيات الله، حيث إن الغار يقع في مكان لاتنفذ له الشمس الى أعماقه فتسبب الأذى لأصحاب الكهف، وهذا الأمر كان ضرورياً لحفظ أجسامهم سليمة طيلة ثلاثمئة عام من النوم.

وحول موقع غار أصحاب الكهف وردت روايات عديدة، ولكن أشهرها روايتين؛ أحدهما أنه في حوالي مدينة دمشق في سورية، والأخرى أنه في حوالي مدينة عمان عاصمة الأردن، وقد بني بالقرب منه مسجد.

ولكن على أي حال، الموقع الجغرافيائي لغار أصحاب الكهف ليس مهماً، بل المهم ما فعلوه، حيث هجروا المدينة والحياة السعيدة الرغدة وقصدوا غاراً فأنعم الله سبحانه وتعالى عليهم بهدايته، لذا فإن نهاية الآية تشير الى أن الهداية والضلالة بيد الله يضفيهما على الانسان كل حسب سعيه والسبيل الذي يختاره.

كما أراد أصحاب الكهف الهداية فهداهم الله، ولكن قومهم لم يرغبوا في ترك الشرك وعبادة الأصنام فحرمهم الله سبحانه وتعالى من الهداية ووكلهم الى أنفسهم.

من هذه الآية نستنتج:

  • النصر الإلهي قد وفر لأصحاب الكهف الأرضية المناسبة للسكن والنجاة من جميع الأخطار المحدقة بهم.
  • كل مكان يعيش فيه مؤمنون فهو مكان تتجلى فيه القدرة الإلهية وهو آية للعالمين ليعتبروا بها.

 

الى هنا أعزائي المستمعين، نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل القاء بكم في حلقة مقبلة نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة