البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 6 من سورة الكهف

الإثنين 2 مارس 2020 - 18:14 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 498

بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد والشكر والصلاة والسلام على نبينا، نبي الرحمة، محمد وآل بيته الطاهرين، أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم إلى حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة وتفسير سورة أخرى من سور القرآن الكريم.

فبعد أن انتهينا من تفسير سورة الإسراء نتناول سورة الكهف ونبدأ بسبب نزولها، حيث روي أن عدداً من مشركي مكة قد أرسلوا رجالاً إلى المدينة ليسألوا علماء اليهود عن بعثة النبي (ص) وعلامات صدقه، فأشار عليهم علماء اليهود أن يسألوه عن ثلاثة أمور، أصحاب الكهف، ذي القرنين والروح؛ فإن أجابهم عن السؤالين الأول والثاني وسكت عن الروح فهو نبي، وعندما عادوا إلى مكة سألوا النبي عن الأمور الثلاثة، فنزلت سورة الكهف.

وهذه السورة تتضمن بالإضافة الى الحديث عن أصحاب الكهف وذي القرنين، قصة موسى (ع) والخضر.

والآن لننصت خاشعين إلى تلاوة عطرة للآيات 1 – 3 من سورة الكهف:

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ

الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ ﴿١﴾

قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا ﴿٢﴾

مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا ﴿٣﴾

تبدء هذه السورة بالحمد والثناء على الله عزوجل لإنزاله الوحي على نبيه كي نتعلم أن لا نحمد الله تعالى على النعم المادية والمعنوية فقط، فإن نعمة الهداية هي من أجل النعم الإلهية، فكيف إذن وهذه الهداية منه عزوجل على شكل كتاب مبيّن، يميز الحق من الباطل، وقد حفظه جل وعلا من كل تحريف، كتاب ثابت ومحكم يتضمن ديناً قيماً لا عوج فيه، وقد وصف الله سبحانه وتعالى الدين الإسلامي من القرآن الكريم بقوله: "ذلك الدين القيم" ودعا الإنسان لأن يؤمن به لأنه أهدى الأديان، فهو الصراط المستقيم الذي ينأى بالإنسان أي إفراط وتفريط، والنبي (ص) يبث روح الأمل والرجاء في الناس بشارته وإنذاره فهو البشير النذير وبذلك يحفظ المؤمنين على السبيل القويم والصراط المستقيم والإعتدال في الدين.

من هذه الآيات نتعلم:

  • إن نعمة القرآن الكريم ونزوله عظيمة إلى الحد الذي يثني فيه الله تبارك وتعالى على نفسه لإنزاله.
  • إن تبشير وإنذار الرسول (ص) هو بأمر الله عزوجل وهداية لخلقه.

 

والآن أعزائي المستمعين لننصت وإياكم خاشعين إلى تلاوة عطرة للآيتين 4و5 من سورة الكهف:

وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ﴿٤﴾

مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴿٥﴾

في الآيات السابقة جاء الإنذار والتبشير بصورة عامة، أما هنا فيحذر الله من أحد مصاديق الإنحراف العقائدي وهو قول إن لله ولد، هذا الإتهام الذي قال المشركون والمسيحيون واليهود، فالمشركون يدعون أن الملائكة هم بنات الله، والمسيحيون يقولون إن المسيح هو ابن الله واليهود كانوا يعيشون في زمن نبي الإسلام محمد (ص) كانوا يقولون إن عزير (احد الأنبياء) هو ابن الله، في حين أن هذا الإدعاء لا يتماشى مع ما جاء به الكتب السماوية المقدسة ولا مع العقل والمنطق.

من هاتين الآيتين نستنتج:

  • إن محاربة العقائد والأفكار الباطلة والمنحرفة من أولى الوظائف الملقاة على عاتق النبي (ص)، وليس هناك انحرافاً أشد من عقيدة الشرك بالله، ولا أنصع عقيدة من التوحيد الخالص.
  • يجب أن تبين العقائد على أسس من العلوم والمعارف الحقيقية وإلا فستطالها إنحرافات أهل الضلال والخرافات.
  • إن الجهل والتخلف يؤدي بالإنسان إلى توجيه التهم إلى الله سبحانه وتعالى والكذب عليه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.

 

والآن أيها الأخوة والأخوات سننصت وإياكم خاشعين إلى تلاوة عطرة للآية 6 من سورة الكهف:

فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴿٦﴾

توضح هذه الآية منتهى رأفة النبي (ص) بالناس، فعندما كان يرى (ص) إعراض المشركين وعدم إيمانهم بكلام الحق تبارك وتعالى، وانحرافهم عنه، يمتلئ قلبه ألماً وحزناً، مع أن النبي (ص) لم يؤمر إلا بتبليغ الرسالة ولا يمكنه أن يجبر الناس على الإيمان بكلام الله عزوجل، ولكنه عندما كان يرى إعراض الكثيرين عن الإيمان به، كان يحزن ويتألم إلى درجة كان يخشى عليه من الهلاك، فهو لايسعى لإقناعهم كعمل منه بالتكليف، بل يدفعه إلى ذلك حبه للناس ورأفته بهم، وعندما يحس منهم الكفر والإعراض يحزن وكأنه يرى أن أعز الناس عليه يهوي ويتردى.

من هذه الآية نستنتج:

  • إن العمل على هداية الآخرين انطلاقاً من الرأفة بهم والحزن نتيجة ضلالهم، لهو من القيم الإنسانية العليا، وإن الأنبياء (ع) من أرأف الناس بالناس.
  • على المبلغين السعي والإجتهاد لتقويم عقائد وأفكار الناس حتى وإن لم يؤمن بهم سوى القليل وبقي أغلبهم على الضلال.

 

الى هنا أعزائي المستمعين نأتي وإياكم الى ختام هذه الحلقة من نهج الحياة قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، فحتى نلتقيكم في حلقة قادمة نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة