بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على نينا محمد واله الطاهرين.
السلام عليكم ايها الأخوة والأخوات في كل مكان، واهلاً بكم في لقاء قراني جديد، حيث نتابع تفسير آيات اخرى من سورة ابراهيم عليه السلام ونبدأ بالآية الخامسة عشرة والأية السادسه عشرة من هذه السورة الشريفة:
وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ﴿١٥﴾
مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّاءٍ صَدِيدٍ ﴿١٦﴾
في الحلقة الماضية من هذا البرنامج ذكرنا ان تهديد الكفار المؤمنين لا اثر له وان ارادة الله تعالى اقتضت ان يحل والعذاب على الكفارين ويكون حسن العاقبة للمؤمنين.
ويأتي هذا النص الشريف ليبين ان وعدالله حق وان النصر كان حليف المؤمنين وان الذل والعار للكافرين.
واذا كان هذا هو عقاب الكفار في الدنيا فأن لهم في الآخرة العذاب المين ولهم جهنم وساءت مصيراً تحرقهم نارها ويشربون فيها من حميم بئس الشراب وساءت مرتفعاً.
وفي آيات عديدة من القرآن الكريم نلاحظ ان الله تعالى قد وعد بنصر انبياءه ورسله اما النصر النهائي للمؤمنين على الكافرين فلم يتحقق بعد وانه سوف يتحقق في آخر الزمان على يد الأمام المهدي ارواحنا لتراب مقدمه الفداء.
والحقيقة ان العقيدة بالمهدوية ليست عقيدة اسلامية وحسب وحي ليست كذلك في المنظار العقائدي الشيعي فقط، فالأديان السماوية الثلاثة- اليهودية- المسيحية والأسلام بمختلف فرقه تؤمن بوجوب ظهور المصلح العالمين. لابل ان حتى الأديان غير السماوية لها هذه الرؤية كذلك، والكل بطبيعة الحال انما اعتقد هكذا للزوم انتصار الحق على الباطل وهو امر فطري لا ريب ولا ترديد فيه
وما يستفاد من هذا النص الشريف:
- ليس لليأس سبيل الى ارواح المؤمنين. اذ في ارواحهم على الدوام نبراس الأمل وضاء، حيث لابد من تحقق النصر الآلهي فالله لا يخلف الميعاد.
- لا ينبغي ان يتصور الكفار ان لهم الأفلات من عذاب الله فموعدهم القيامة ولهم سوء العذاب جزاء ما كسبوا في الدنيا وما ربك بظلام للعبيد.
والآن نستمع الى الآية السابعة عشرة من سورة ابراهيم عليه السلام:
يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ ۖ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴿١٧﴾
يأتي هذا النص القرآني لبيان وضع وحال الكفار في جهنم، حيث النار تحرقهم من كل جانب واذا عطشوا سقوا من الحميم وهم هكذا في ظمأ دائم.
اجل ان من كان يسخر من المؤمنين في الدنيا وهو يعبأ كؤوس الخمر ها هو اليوم يرد الحامية فيشرب من حميمها وهذه هي عاقبة السوء من الأعمال.
ومن جانب آخر فأن عذاب يوم القيامة شديد وشديد. اذ ترى الناس المذنبين في ذلك اليوم العظيم يمؤتون وما هم بميتين اما ما يستفاد من هذا النص فهو:
- ان مرور الزمان لا يهون من عذاب الآخرة على اهل جهنم ولا يصبح لهم عادة فيألفوها، بل ان عذاب الله يزداد من يوم لآخر فويل للكافرين من عذاب يوم الدين.
- ليس في القيامة موت فالنفس هناك خالدة. اذا كانت مؤمنة ففى جنات النعيم وان كانت كافرة ففي جهنم والجحيم. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
والآن نستمع الى الآية الثامنة عشرة من سورة ابراهيم عليه السلام:
مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ ۖ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ۖ لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ ﴿١٨﴾
في العديد بل في الكثير من آياته المباركات اكد القرآن الكريم على ان اعمال الكافرين لا فائدة منها وانها خواء في خواء
وجاءت الآيات القرآنية الشريفة لتشبه اعمال الكفار بالهباء المنثور والرماد فوق النار والزبد
اي انه بعبارة اخرى ان اعمال الكفار في طريقها بسرعة الى زوال ودمار.
والمراد هنا الأعمال الجيدة الصادرة عن الكفار. فكيف بخيث الأعمال منهم؟
ان السىء من عمل الكفار هو الذي يذهب بحسناتهم وهذا يطابق قانون حبط الأعمال الذي جاء في القرآن الكريم.
بيد ان الأمر ليس كذلك بالنسبة للمؤمنين فأذا ما ارتكب المؤمن سيئة ثم تاب فأن الله يعفو عنه ويغفر له زلاته بشرط التوبة وان الحسنات كما هو نص القرآن الكريم يذهبن السيئات وكل ابن آدم خطاء وخير الخطايئن هم التوابون وبالنسبة للضلال والضالين
تطالعنا في الذكر الحكيم اوصاف متعدده وفي كتاب الله العزيز اشارات الى اشكال الضلال ومنها الضلال الظاهر والضلال البعيد.
وفي هذا النص جاء الكلام عن الضلال البعيد عند الكفار الذين نأوا بكفرهم عن الحقيقة كثيراً. حتى اصبحت عودتهم الى ارجاء الحقيقة الفسيحة امر غير ممكن او محال.
والى ما يستفاد من هذا النص فهو:
- ان اعمال الكفار التي تبدو في الظاهر حسنة نابعة من نفوسهم غير الطاهرة وهي كالرماد الذي يخفي تحته ناراً محرقة ليس لها الا الدخان الأسود.
- لا ينبغي الأنبهار امام أعمال الكفار، اذ ليس لها اساس متقن ودعامة محكمة وهي اسرع ما تؤول الى دمار.
غفر الله لنا ولكم وثبتنا على الأيمان والعمل الصالح في الدنيا وجعل الجنة في الآخره مثوانا انه اكرم مسؤول وخير مجيب والحمد لله رب العالمين والسلام خير ختام.