بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين. أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم الى هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، والتي نبدأها بتلاوة عطرة للآية 29 من سورة الرعد. فلننصت اليها خاشعين:
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴿٢٩﴾
الآية السابقة تطرقت الى ذكر آثار ذكر الله وكيف أن المؤمنين تطمئن قلوبهم بذكر الله. أما هذه الآية فتوضح أن المؤمنين يعملون الصالحات ولهذا السبب فهم ينعمون بلطف الله ورحمته في الدنيا والآخرة ولهم حسن العاقبة.
آيات القرآن بصورة عامة أشارت تقرن دائما الإيمان بالعمل الصالح وذكرتهما متلازمين، المؤمنون على العكس من المنافقين، فالمنافقون قد يكون في قلوبهم شيء من الإيمان، ولكنهم فاسقون عملا ومرتكبون للذنوب، وقد تكون قلوبهم خالية من الإيمان ولكنهم أعمالهم تبدو حسنة.
من هذه الآية نستنتج:
- إن الأشرارلا ينعمون بحياة سعيدة، وإن الحياة السعيدة مرهونة بالإيمان والأعمال الحسنة.
- إن نعيم طالبي الدنيا مؤقت ولا يبلغ يوم القيامة، بعكس المؤمنين المتنعمين في الدنيا والآخرة.
والآن أيها الأخوة والأخوات، ننصت واياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 30 من سورة الرعد:
كَذَٰلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَا أُمَمٌ لِّتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَـٰنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴿٣٠﴾
تشير هذه الآية الى توالي إرسال الرسل في الأمم والشعوب الغابرة، وتخاطب مشركي مكة الذين لم يكونوا يستمعون الى دعوة نبي الاسلام (ص) بأنه ليس أول نبي بعثه الله وشكك قومه في رسالته، فقد أرسل العديد من الرسل الى الأمم السابقة قبله، وهو (ص) أيضا يتلو عليهم ما أوحي اليه من ربه، ولا يقول شيئا من نفسه وينسبه الى الله. وكل كلامه ودعوته تتمحور حول أساس واحد وهو أن الله فقط هو الذي يستحق العبادة، ولا يمكن الاتكال على غير الله إن الجميع عائد اليه.
من هذه الآية نستنتج:
- إن دراسة تاريخ الأمم الماضية مفيد ومؤثر في التعرف على الحقائق والتعاليم الإلهية والإيمان بها.
- بالتوكل على الله يمكننا الصمود مقابل إنكار المعاندين وعداوة الكافرين.
والآن مستمعينا الأكارم، ننصت واياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 31 من سورة الرعد:
وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ ۗ بَل لِّلَّـهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ۗ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّـهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ۗ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴿٣١﴾
تتمة لما عرضته الآية السابقة من مخالفة الكافرين لرسول الله (ص) وإنكارهم لتعاليمه، تحذر هذه الآية الكافرين وإنهم عليهم أن لا يحسبوا أنهم بكفرهم وإنكارهم قد خرجوا من حكم الله وإنهم بإمكانهم أن يحيوا كما يشاؤون، لأن الله يعاقب الكافرين المعاندين في الحياة الدنيا ولهم في الآخرة عذاب أليم. من الواضح أن الكافرين فرقتين، فرقة لو رأت الحق ووعته تؤمن بالله، وفرقة ترى الحق وتعرفه ولكنها تكتمه وتعاند وتتصدى له، وهذه الآية تحكي ما يضمره الفريق الثاني. وهو أنهم معاندين الى درجة حتى لو رأو الجبال قد نسفت وأحيي الموتى فلا يعتبرونها معجزة وينسبونها الى حوادث طبيعية ولايؤمنون بالحق.
من هذه الآية نستنتج:
- إن الله خلق الإنسان وجعله مختارا، ويمكنه اتباع سبيل الإيمان أو الكفر، إذن على المؤمنين أن لا يتوقعوا أن يؤمن جميع الناس.
- إن المشيئة الإلهية قضت أن يختار الناس سبيل الهداية برغبتهم، وإلا فإن الله قادر على أن يجعل الناس كلهم مؤمنين كأن يجبرهم على قبول الحق والإيمان به.
- إنما تنزل البلايا بسبب أعمال البشر.
الى هنا أعزائي المستمعين نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة. على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة، نستودعكم الله والسلام عليكم.