البث المباشر

تفسير موجز للآيات 27 الى 28 من سورة رعد

الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 10:29 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 407

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، ونبدؤها بتلاوة عطرة للآية 27 من سورة الرعد فلننصت اليها خاشعين:

وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۗ قُلْ إِنَّ اللَّـهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ﴿٢٧﴾

من الواضح أن من يدعي النبوة، عليه أن يثبت إدعاءه، وأن يري قومه معجزة لكي يثبت علاقته بالله وأنه إنما يبلغهم رسالة ربه، ولكن هذا لا يعني أن على النبي (ص) أن يفعل كل ما يطلب منه الناس فبهذه الصورة يشترط كل فرد منهم أن يأتيه النبي (ص) بمعجزة كي يؤمن، وهذا الأمر يخيل بنظام الطبيعة.

الانسان العاقل واللبيب عندما يرى معجزة النبي، يؤمن به ويذعن الحق. أما المعاند والذي يتذرع بالحجج والأعذار الواهية فلا يؤمن حتى لو رأى عشرات المعجزات.

القرآن هو المعجزة الإلهية الخالدة وتعليماته السامية أفضل دليل على نزوله من عند الله. ولكن البعض ينكر ذلك ولا يؤمن به، الأمر الذي يؤدي الى ضلالهم وعجزهم عن إدراك الحقائق والنور الذي تضمنه هذا الكتاب الإلهي ويؤدي لهم إصرارهم على إنكار آيات الله أن يتركهم الله في غيهم يعمهون وفي الضلالة سادرون.

أجل، فالذين لايملكون ذرة من العقل والذين في نفوسهم مرض، يستاءون لدى سماع آيات القرآن الكريم وتعاليمه. كالمستنقع عندما يهطل عليه المطر، تتصاعد منه رائحة نتنة فتؤذي الناس. ولكن نفس هذا المطر إذا هطل على أرض خصبة ينبت أنواع الزهور والنباتات.

أجل فالكتب السماوية والتعاليم الإلهية التي أتى بها الأنبياء من عند ربهم، أمطار رحمة، إن مطرت في الصحراء لا ينبت غير الشوك والعاقول، وإن أمطرت في البساتين تنبت الزهور والورود.

لهذا فإن الجملة القرآنية التي تقول (إن الله يضل من يشاء) لا تعني أن الله قد تعمد أن يضل هذا الفريق من الناس، بل أن سبب الضلال هو عدم إيمانهم بالتعليمات الإلهية وعنادهم؛ لذا يحرمون من بركات الهداية. وفي هذه الآية بالإضافة إلى هذا الفريق يذكر الله فريقا قد جاء الله بقلب سليم وتابوا إليه وآمنوا به فهؤلاء يرحمهم الله.

من هذه الآية نستنتج:

  • إن أهم مسألة في الهداية والضلال هي استعداد البشر وهل أنهم يؤمنون بالحق أم هم معاندون، وليس المهم عدد ونوع المعجزات.
  • تقتضي السنة الإلهية هداية جميع البشر، أما الذي يختار طريق الضلال والطرد من الهداية الإلهية.

 

والآن أيها الاخوة لننصت واياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 28 من سورة الرعد:

 الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّـهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّـهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴿٢٨﴾

استمرارا للآية السابقة التي تحكي عن هداية الله للباحثين عن الحق والمؤمنين به، توضح هذه الآية شيئا عن هذا الفريق وهو أنهم آمنوا بربهم حتى بلغوا درجة الإطمئنان والسكينة، حيث أن ذكر الله في القلب وجريانه على اللسان تبعث الهدوء الروحي في الإنسان، وسكينة ما بعدها سكينة، ولا يمكن بلوغها بوسيلة أخرى. من الواضح أن المراد من ذكر الله بالإضافة الى جريان الذكر على اللسان أثناء الصلاة والدعاء، ذكره على كل حال أثناء مواجهة المشكلات أو مواجهة الذنوب والمعاصي، أو ذكر نعم الله وشكره وكذلك ذكر قدرته وعفوه ورحمته وكرمه، يملأ الانسان بالأمل والقدرة على مواجهة المشاكل.

من الطبيعي أن الذين تدب السكينة في نفوسهم عند سماع إسمه عزوجل، يملأهم الخوف منه وتخشع قلوبهم من ذكره، لأنهم يدركون عظمة الله فيحقرون كل شيء أمام عظمته، كما جاء في الآية الثانية من سورة الأنفال؛ (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم).

هؤلاء الأفراد كالأطفال الصالحين البارين بأبويهم يشعرون بالهدوء والسكينة عند الإتكال على والديهم، فلا يشعرون بالوحدة. وفي نفس الوقت يخشون عصيان والديهم ونلاحظ أن الإمام السجاد (ع) في دعاء شهر رمضان المبارك يعتبر ذكر الله يجلب للهدوء والسكينة فيناجيه.

يشيع اليوم بين الناس الإصابة بالإضطرابات النفسية والكآبة وذلك بسبب بعدهم عن الله وابتعادهم عن ذكره، بينما تقل هذه الأمراض النفسية بين المؤمنين والمجتمعات المؤمنة.

من هذه الآية نستنتج:

  • لا يكفي ذكر الله باللسان، فإن اطمئنان القلب ضروري ليكون الإيمان قويا يأخذ بصاحبه الى الفلاح.
  • القدرة والأموال التي أضحت معبود الناس هذه الأيام لا تمنح الناس الهدوء والسكينة، ولكن ذكر الله فقط هو الذي يبلغ الانسان الى السكينة الحقة.

 

الى هنا أعزائي المستمعين، نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة. على أمل أن نلقاكم في حلقة قادمة من هذا البرنامج نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة