بسم الله الرحمن الرحيم أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، ونبدؤها بتلاوة عطرة للآيتين 23و24 من سورة الرعد، فلننصت اليها خاشعين:
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ﴿٢٣﴾
سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴿٢٤﴾
بينت الآيات السابقة أن المؤمنين الحقيقيين هم الذين يصبروا ويصابروا على أداء العبادات الإلهية وكذلك في مساعدتهم للمحرومين والقيام بمهامهم الإجتماعية، وهم يصمدون أمام انواع المشاكل ولا يتراجعوا.
وتصرح هاتين الآيتين أن هؤلاء المؤمنين سيدخلون الجنة يوم القيامة لصبرهم وصمودهم على سبيل الحق ويكونون موضع تكريم وثناء من قبل الملائكة. والغالب في مثل هؤلاء الأفراد أنهم تربوا في عوائل طاهرة وأصيلة ولديهم أبناء محسنون وإنهم قد اختاروا لأنفسهم زوجات عفيفات مؤمنات، ولهذا فإنهم من الطبيعي أن يدخلوا الجنة مع والديهم وأزواجهم وأولادهم، إلا إن كانوا من الظالمين والفاسدين، فهؤلاء لا مكان لهم في الجنة.
واستنادا الى الأحاديث الشريفة فإن طاعة الإمام الحق أحد شروط دخول الجنة، وكثير من أحاديث النبي الأكرم (ص) ومروية من طرق الفريقين تصرح بأن طاعة علي (ع) والأوصياء من بعده يمهد الطريق الى الجنة. كما تستغفرالملائكة للمؤمنين المطيعين للنبي وآله في الدنيا ويدعون لهم ويوم القيامة يهرعون لاستقبالهم ويخدمونهم.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- إن العائلة التي تدخل الجنة، هي تلك العائلة التي يسير جميع أفرادها على طريق طاعة الله سبحانه وتعالى متعاونين متآزرين متعاضدين.
- إن أساس جميع الكمالات هو الصبر، الصبر على المعصية، الصبر على أداء الطاعات والصبر عند دخول المصائب.
- السلام عند دخول بيت أو مجلس ما، من أخلاق الملائكة.
والآن أيها الأخوة والأخوات، لننصت خاشعين الى تلاوة للآية 25 من سورة الرعد:
وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَـٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴿٢٥﴾
في مقابل الفريق الاول الذي ذكرته الآيات السابقة وهم أولو الالباب والعقل، من يتبعون الدين ويطبقون أحكام الشريعة الاسلامية ويوفون بعهد الله والصابرين في كل مواقف حياتهم، تذكر هذه الآية فريقا آخر من البشر الذين لا يوفون بعهد الله ويقطعون كل علاقة لهم بالأتقياء والصالحين والأبرار ويرتبطون بالأشرار والفاسدين، وهؤلاء من الطبيعي أنهم قد انقطعوا عن الله والروح الانسانية، ويفعلون ما من شأنه نشر الفساد والفحشاء بين البشر ويحصدون اللعنة والبعد عن رحمة الله في الدنيا والآخرة.
استنادا للأحاديث الشريفة، فإن أحد الأمور التي أكد الله سبحانه وتعالى رعايتها، صلة الرحم والعلاقات مع الأقرباء، فمن الطبيعي إن الذي لا يرعى ولا يحفظ علاقته بالله فلن يحافظ على علاقته مع أفراد عائلته والمحيطين به.
من هذه الآية نتعلم:
- بمقارنة عاقبة المؤمنين والفاسقين في الدنيا، يسهل علينا معرفة طريق الحق من طريق الباطل.
- إن نقطة البداية لجميع الانحرافات والفساد والشرور هو الابتعاد عن الله والأديان السماوية.
والآن أيها الأكارم لننصت واياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 26 من سورة الرعد:
اللَّـهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ۚ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴿٢٦﴾
بعد بيان عاقبة الأبرار والأشرار توضح هذه الآية أن الفريقين يرزقون في الدنيا والآخرة على أساس نظام حق وعدل، وأن رزق الكافرين في الدنيا لا شيء وضئيل جدا أمام الرزق الواسع العظيم الذي يرزقه المؤمنون يوم القيامة، لذا فلا تقارنوا الوضع الدنيوي لهذين الفريقين، ولا تفرحوا بما تحصلون عليه في الدنيا فإنه آني والى زوال. المهم أن لا نطغى إذا أغدق الله علينا رزقه ونخرج عن طاعته، أو يصيبنا الإحباط واليأس إذا قتّر علينا رزقنا، ولنعلم أن النظام الإلهي وضع على أساس الحكمة وإن الدنيا دار امتحان والآخرة دار الثواب.
من هذه الآية نستنتج:
- الأرزاق بيد الله ولا يزيدها نقض العهد والبخل والطمع.
- إن الدنيا الى فناء و زوال ولكن ظاهرها يخدع الناس فلنحذرها.
الى هنا أعزائي المستمعين نأتي واياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.