بسم الله الرحمن الرحيم أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة والتي نبدؤها بتلاوة عطرة للآيتين 102 و 103 من سورة هود:
وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴿١٠٢﴾
إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ ﴿١٠٣﴾
ذكرت الآيات السابقة من هذا البرنامج ما آل اليه مصير فرعون وأتباعه وغرقهم في نهر النيل وتحذرنا هاتان الآيتان أن علينا أن لا نحسب أن العذاب الإلهي إنما شمل تلك الأمة فحسب، بل إن هذا المصير سيطال كل قوم وكل أمة تظلم وتتجاوز الحدود التي رسمها الله لها. حيث سينزل الله أشد انواع العذاب علي الظالمين علي الرغم من سعة رحمته وسابقيتها علي غضبه عز وجل. ومن الواضح أن المؤمنين بيوم القيامة والجزاء هم وحدهم الذين يعتبرون ويتعظون من العذاب الذي حاق بالأمم السابقة.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- إن رحمة وغضب الله إنما تنبعان من سنة خالدة.
- عندما يعم الظلم فلنتوقع نزول العذاب الإلهي علي الظالمين، هذا هو وعيد الله عز وجل ولا يدفعه إلا الإستغفار والتوبة.
- يوم القيامة، هو يوم الشهادة والشهود، حيث ينطق كل شيء، ويشهد ممتثلا لأمر الله.
والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت واياكم خاشعين الي تلاوة عطرة للآيتين 104 و 105 من سورة هود:
وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ ﴿١٠٤﴾
يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴿١٠٥﴾
ذكرت الآية السابقة حضور الناس في عرصة يوم القيامة، ولكن قد يقول البعض أن حلول يوم القيامة وعدا ليس إلا، ولا ندري متي سيحل. وفي جوابهم يقول القرآن الكريم، إن يوم القيامة هو يوم معين وأن الله عزوجل يعلم متي. فلا تقولوا لماذا لانتمتع في الدنيا ونتمسك بالآخرة التي لانعلم عنها شيئا.
وتصف الآية 105 يوم القيامة بأنه اليوم الذي لا يتكلم فيه أحد إلا بإذن الله، فلا يستطيع أحد التذرع بأعذار واهية، فكل شيء في علم الله وبعينه ثم إن جميع الأعضاء والجوارح ستنطق وتشهد علي مافعله ولاحاجة الي اللسان ليفصح عن ذلك، وإنما الكلام في الدنيا لإخبار الآخرين عما نضمره، أما في يوم القيامة فإن جميع مايبطنه الانسان يكون ظاهرا وعلنيا وليس هناك من شيء يخفي علي الآخرين.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- إن زمان انتهاء الدنيا وحلول يوم القيامة هو يوم معين يعلمه الله فقط.
- القيامة يوم اعلان الأعمال وليس يوم الكلام، وهناك ينفع الانسان اعماله وليس كلامه.
والآن مستمعينا الكرام لننصت واياكم خاشعين لتلاوة عطرة للآيتين 106 و 107 من سورة هود
فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ﴿١٠٦﴾
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ ۚ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴿١٠٧﴾
كما ذكرنا فإنه استنادا الي الآية 105 فإن الناس يوم القيامة يكونون فريقين، فريق سعيد وفريق شقي. وبتعبير آخر محسنون وظالمون أو طيبون وخبيثون، من الواضح أن الله خلق الناس متساوين ووفر لهم سبل الهداية، ولكن البعض يتبعون أهوائهم ويرتكبون السيئات والمنكرات فيكونون من الأشقياء. وفريق يستثمرون ما وفره الله لهم أحسن إستثمار فيكونون من السعداء. إذن فإن السعادة والشقاء لم يكتبها الله علي البشر، لأنه إن كان الأمر كذلك لكان التكليف قد سقط عن الناس ولن يكون هناك معني للثواب والعقاب يوم القيامة. بل في الواقع إن بإمكان البشر أن يختار طريقه في الدنيا وهذا الاختيار هو الذي يوصل البعض الي أحسن المآب وآخرين الي سوء المآب.
ومع أن الانسان لا يستطيع أن يختار عاقبة أمره ولكنه بإمكانه أن يختار سبيله، وكل من يختار طريقا عليه أن يتحمل ما سينهي اليه.
السيئات التي نرتكبها في الحياة الدنيا تظهر يوم القيامة علي شكل نار تحرق الانسان، فهذه النار هي ما أعده الانسان لنفسه وليس ما أعدته جهنم للإنسان، وأما البقاء في الجحيم فيكون الي ماشاء الله. فكل مجرم يبقي في نار جهنم حتي يتطهر من ذنوبه، وإن كانوا قد عملوا الحسنات فسيدخلون الجنة. ومما لاشك فيه أن بعض المجرمين يدخلون الجحيم خالدين فيها، لأنهم إن خلدوا في الدنيا لما كانوا يتوقفون عن ارتكاب أعمالهم الإجرامية.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- السعادة والشقاء هي نتيجة لأفعال الانسان نفسه وكل يحدد مصيره بنفسه.
- إن الله ينجي برحمته من يشاء من عذاب جهنم.
أعزائي المستمعين الي هنا نأتي الي ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة علي أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.