بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام علكيم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة التي سنبدؤها بتلاوة للآية 61 من سورة هود، فلننصت اليها خاشعين:
وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ ۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ﴿٦١﴾
ايها الاخوة هذه الآية تستعرض مصير قوم ثمود وبني الله صالح (ع) الذي ارسل اليهم بعد نوح (ع) وهود (ع).
اول ما دعا اليه صالح قومه كان التوحيد ونبذ الشرك وعبادة الاصنام وهو ذات الشيء الذي دعا اليه بقية الانبياء.
ولكن الانبياء لم يكونوا يدعون الناس للآخرة فقط واهمال الدنيا، فكما على المؤمن ان يعمل لآخرته كي يجزى الجنة عليه ان يعمل على اعمار الارض وتحويلها الى بيئة سليمة وآمنة يحيا فيها هو والآخرون فأعمار الأرض بهذه البنة همو عمل عبادي يجعل الدنيا مزرعة للآخرة لذا خاطب صالح قومه موضحاً ان الله قد اعطاكم الارض وامركم باعمارها، فلماذا بدلاً من العمل على استغلال الارض وزراعتها وتربية الدواب تلجاون الى طرق غير مشروعة لكسب الاموال؟ كفوا عن فعل هذا وتوبوا الى الله فانه يقبل التوبة من عباده.
من هذه الآية نستنتج:
- ان علاقة الانبياء باقوامهم علاقة اخوّة وليس ابوّه فهم لا يأمرون احداً بفعل اي شيء.
- ان اعمار الارض هو ما اراده الله من البشر.
والآن ايها الاخوة والاخوات لننصت الى تلاوة للآية 62 من سورة هود:
قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـٰذَا ۖ أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ﴿٦٢﴾
جواباً على دعوة صالح وبدلاً من التفكر في كلامه المنطقي، اتهموه بمخالفة سنن آبائهم واجدادهم- حيث ان النسا بصورة عامة يتبعون ما وجدوا عليه آباءهم- وما كان منهم الا أن اخبروه ما مضمونه انك كنت محترماً عندنا في السابق ومحبوباً لدينا وكنا نثق بك، ولكن كلامك هذا جعلنا نرتاب بك وبنواياك.
من هذه الآية نستنتج:
- على المبلغين ان يعلموا ان عامة الناس لا يتركون افكارهم وعقائدهم بيسر، وعليهم ألا يتوقعوا ان يتم الاصلاح بسرعة.
- ان لم يكن الشك عاملاً للتحقيق والاستطاع للوصول الى الحقيقة، فانه سيكون عامل ركود وسقوط الانسان الى الحضيض.
والآن مستمعينا الافاضل لننصت واياكم الى تلاوة للآية 63 من سورة هود:
قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّـهِ إِنْ عَصَيْتُهُ ۖ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ ﴿٦٣﴾
ازاء جواب قوم ثمود غير المنطقي، شرح لهم نبيهم صالح (ع) إن الله قد غمره بلطفه ورحمته واختاره نبياً وامره ان يبلغهم رسالته، وإن لم يفعل ما أمره الله فلن يستطيعوا ان ينقذوه من عذاب الله. واذن يجب عليه ان لا يتوقف في مسعاه هذا لكي يرضى عنه قومه.
في الواقع لقد اراد قومه من مدحه في مطلع الآية السابقة ان يكف عن دعوتهم ويترك التبليغ للتوحيد ليحتفظ بمنزلته لديهم.
ولكن صالح (ع) اجابهم ان هذا الامر تكليف الهي، وليس رغبة شخصية له كي يكفّ عنها متى شاء. واكد لهم أنهم ان كان لديهم دليلاً واضحاً مثل هذا لم يكونوا يفعلون إلا ما فعله هو.
من هذه الآية نستنتج:
- الاديان الالهية قائحة على الدلائل الواضحة والاستدلالات المقنعة، وهي عن طريقها تدعو الناس وليس بالتهديد او الترغيب.
- الناس سواسية امام القانون. حتى الانبياء إن عصوا الله او تكاسلوا في اداء واجباتهم، سيحل عليهم غضب من الله وعذاب اليم.
- علينا ان لا نتحرف عن سبيل الله من اجل نيل تأييد الناس فان الناس لا قدرة لهم ازاء قدرة الله عزوجل.
الى هنا اعزائي المستمعين نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة وبانتظار آرائكم ومقترحاتكم نستودعكم الله والسلام عليكم.