بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ثم الصلاة والسلام على خير خلقه واشرف بريته سيدنا محمد واله الطاهرين.
السلام عليكم حضرات المستمعين الأكارم واهلاً بكم في لقاء قرآني جديد.
في هذه الحلقة نكمل تفسير ما تبقى من آيات سورة يونس المباركة والآن الى تلاوة الآية السابعة بعد المئة من هذه السورة حيث يقول تعالى.
وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّـهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿١٠٧﴾
كما اتضح من الآيات السابقة لهذه الآية فأن الله تبارك وتعالى، قد امر نبيه بالثبات على المبدأ الحق اي عقيدة التوحيد المباركة امام الكفار والمشركين وجاء وحي السماء وهو الحق المبين ليرفض اي استسلام في مقابل اعداء الدين الحنيف ممن يحملون العقائد الباطلة والفاسدة.
وهذه الآية تؤكد حقيقة أن الخير هو من الله العزيز الحكيم واذا ما مس الأنسان ضر فلا كاشف له الا الله الغفور الرحيم.
ان الله تعالى لا يلحق الضرر بالعباد. انما المقصود بهذا النوع من الضرر هو العذاب الذي ينال الكفار جزاء ما كسبت ايديهم.
والذي نستفيده من هذه الآية :
- على الكفار والمشركين ان يعرفوا ان عدم الأيمان لا يعني خلاصهم من العذاب، بل ان العذاب لا حقهم لأن ارادة الباري تعالى نافذة في كل خلقه، اذ بيده تعالى ازمة الأمور وهو على كل شيء قدير.
- ان الخير الذي يناله الأنسان هو من فضل الله ورحمته ورضوانه تباركت اسماؤه.
ويقول تعالى في الآية الثامنة بعد المئة من سورة يونس المباركة:
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ ﴿١٠٨﴾
في اواخر سورة يونس يأتي النص القرآني الشريف ليبين ان مهمة الرسول الاكرم (ص) ابلاغ وحي السماء واداء رسالة الله عزوجل.
وان لا اكراه في الدين فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر والله هو الغني الحميد.
نعم ان الهداية امر اختياري لا اجبار فيه، ومن لم يهد سواء السبيل فقد ضل الضلال المبين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
والذي نتعلمه من هذا النص الكريم:
- ان الله تعالى قد اتم الحجة على عباده وابان لهم سبيل الحق. وللناس ان يختاروا اي السبيلين يسلكوا سبيل الحق والرشاد ام سبيل الباطل والفساد.
- ان واجب علماء الدين في كل زمان ومكان واقتداءاً بسنة رسول الله (ص) التبليغ والهداية دونما اجبار
ولنستمع الى قوله جلت اسماءه وتباركت آلائه في الآية التاسعة بعد المئة من سورة يونس:
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّـهُ ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ﴿١٠٩﴾
ان هذه الآية وهي الأخيرة من سورة يونس تؤكد مرة اخرى على الثبات على الحق وعدم تزلزل القدم في سبيل المبادىء الحقة وفي هذا النص دعوة للرسول الخاتم (ص) والمؤمنين للصبر والأستقامة في طريق الله حتى يتحقق النصر.
ومما لا ريب ولا شك فيه ان الطغاة يضعون العقبان والعراقيل في طريق المؤمنين، ظناً منهم انهم يتمكنون بذلك من ثني المؤمن عن ايمانه لكن هذا الظن باذن الله خائب. وفي المقابل من واجب المؤمن الثبات وعدم الخوف والخشية الا من الله جل جلاله ان الله تعالى ناظر لأفعال العباد وانه تبارك اسمه مجزيهم على ما فعلوا في يوم الجزاء والله هو احكم الحاكمين.
وشاءت ارادة الباري ان ينتصر الحق على الباطل في الدنيا، وان الأرض يورثها الله عباده الصالحين والعاقبة للمتقين والنار للعاصين والجنة للشاكرين.
اما ما يمكن ان نستخلصه من هذا القول الآلهي المبين، فهو:
- ان للناس ان يؤمنوا او يكفروا كما جاء في قوله تعالى من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر على ان كفر الكافرين لا ينبغي ان يثبط عزائم المؤمنين.وان لا يستوحش احدنا في طريق الحق لقلة سالكيه فالله معنا وهو ناصرنا وهو نعم المولى ونعم النصير.
- على الأنسان ان يعمل بتكليفه الذي يمليه عليه الشرع المبين وان لا يقلق ولا يفزع، فالله تعالى مولاه وهو احكم الحاكمين.
هكذا حضرات المستمعين الأفاضل انهينا تفسير سورة يونس المباركة ونسأل الله تعالى ان ينور قلوبنا بنور القرآن وان يجعله هادينا في الدنيا وانيسنا في الآخرة انه سميع الدعاء والسلام عليكم ورحمة الهل وبركاته.