بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا بني بعده سيدنا محمد واله الطاهرين السلام عليكم ايها الأخوة الكرام، هذه حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة حيث تفسير موجز لآيات اخرى من سورة يونس المباركة ونبدأ بتلاوة الآية الخمسين والآية الحادية والخمسين:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ﴿٥٠﴾ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ ۚ آلْآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴿٥١﴾
نزلت هاتان الآيتان الشريفتان للرد على منكري المعاد ويوم القيامة الذين كانوا يتساءلون انى يوم الجزاء؟
النبي الأكرم محمد بن عبد الله (ص) ينذرو هؤلاء الكفار والمعاندين المنكرين، بأن العقاب الآلهي آت لا محالة فما جدوى استعجاله؟ واذا ما نزل ليلاً او نهاراً فما يصنع الكافرون؟ واذا ما نزل العذاب فهل من سبيل الى الخلاص منه؟
اليس هو امر محتم لا مناص منه؟
وهناك نقطة اخرى يبينها وحي السماء، وهي ان الأيمان حين نزول العقاب الالهي لا فائدة منه. ان ابواب التوبة تغلق حين نزول العقاب اذ لا جدوى من بقائها مفتوحة امام من قضى عمره في الكفر والشرك والابتعاد عن جادة الايمان.
والذي يمكن ان نتعلمه من هاتين الآيتين:
- ان على الانسان ان يعتقد بوجوب العذاب الألهي على الكفار
- لا قيمة للأيمان بعد فوات الأوان ذلك ان مثل هذا الأيمان ناشىء عن السقوط بالخطر، وليس منبعثاً من القلب ولا هو عن ارادة واختيار.
ويقول تعالى في الآية الثانية والخمسين من سورة يونس المباركة.
ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ ﴿٥٢﴾
في الآيات السابقة كان الحديث عن العذاب الالهي الذي يأتي على الكفار والمعاندين في الدنيا بغتة وهنا إنذار بالعذاب الالهي يوم المعاد الذي هو عذاب ابدي يحل بالكفار والظالمين الذين ظلموا انفسهم وظلموا الآخرين.
ان اعمال الانسان في الدنيا هي التي تحدد العقاب والثواب في الآخرة وثمة حقيقة اشار ايها القرآن الكريم في عدة مرات وهي ان اعمال الكفار يوم القيامة تتجسد وتتجسم امام اعينهم. الأمر الذي يجعلهم يشعرون بعذاب النفس والوجدان لإ في يوم يبوء فيه الكافرون بالخسران ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
ونستفيد من هذا النص القرآني: اولاً من وجهة نظر الأسلام فأن الظلم لا يطال الآخرين وحسب بل ان الأنسان يظلم نفسه حينما يحملها علىالمعصية والأثم.
كما ان المعصية ليست ظلماً للنفس وحسب، بل هي ظلم للانبياء والرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام الذين تحملوا الأعباد والمسؤوليات الجسام من اجل هداية البشرية الى جادة الصواب.
ثانياً ان الجزاء الالهي جزاء عادل يتناسب والمعصية فالله تعالى لا يظلم احداً وما ربك بظلام للعبيد بل هو يعفو عن كثير ويقول تعالى في الآيتين الثالثة والخمسين والرابعة والخمسين من سورة يونس المباركة:
وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ ۖ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ ۖ وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ ﴿٥٣﴾
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ۗ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴿٥٤﴾
يفيد هذا النص القرآني المبارك ان وعد الله حق وان الساعة آيتة لا ريب فيها. كما ان العذاب الآلهي لا يختص بالآخرة بل انه في الدنيا آت كذلك وان عذاب الله لشديد حتى ان العاصي والكافر يتمنى ان يهب كل ما يملك من اجل النجاة من هذا العذاب الذي هو ليس انتقاماً بل جزاء بما كسبت ايدي الناس ان محكمة يوم الجزاء هي محكمة العدل الالهي فما جدوى الندم فيها؟
ونتعلم من هذا النص الشريف:
- من اجل ازالة الشكوك عن بعض النفوس يؤمر النبي (ص) بأن يقسم بالله والا فأنه صادق مصدق
- في محكمة العدل الالهي لا تنفع القدرة ولا المال انما النافع هو الأيمان والعمل الصالح، اليس الله تعالى يقول، يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.
ولنصغي الى تلاوة الآيتين الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين من سورة يونس المباركة:
أَلَا إِنَّ لِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّـهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٥٥﴾ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٥٦﴾
ان الشكوك في يوم الجزاء ناشئة عن الشك في قدرة الله نعوذ بالله ويساةل هذا النص المبارك الكفار لماذا تشكون في قدرة الله على الأحياء بعد الموت؟
اليس كل ما في الوجود هو لله؟
اليس تعالى خالق هذا الكون ومالكه؟
ان الموت والحياة بيده سبحانه وتعالى فلماذا الشك اذن؟؟
والذي نستخلصه من هذا النص:
- الملكية الحقيقية لكل الأشياء حي لله تعالى. وان ملكية الفرد والأنسان ملكية اعتبارية. اذن ليس للكفار يوم الجزاء من شيء يفدون به انفسهم من عذاب مهين
- ان حاكمية الله تعالى على الوجود برمته دليل على تحقق وعده والله لا يخلف الميعاد والكل سائرون الى يوم ليس له انقضاء وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.
هكذا انتهت حضرات المستمعين حلقة اخرى من هذا البرنامج وحتى عودة ثانية الى رحاب القرآن الكريم نترككم في رعاية الله، والسلام علكيم ورحمة الله وبركاته.