بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد حمد الشاكرين، وصل وسلم على حبيبك وخيرة خلقك النبيّ المصطفى محمدّ وعلى آله الطاهرين.
إخوة الإيمان في كلّ مكان السلام عليكم وأهلاً بكم في رحاب القرآن الكريم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة لنتابع وإياكم تفسير سورة الأنفال.
على هذا، ننصت أولاً لهذه التلاوة العطرة للآية السادسة والاربعين من هذه السورة المباركة:
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وأصبروا إن الله مع الصابرين.
تناولت الحلقات السابقة من البرنامج غزوة بدر وامداداتها الإلهية ففي ضوء ما تقدم، تقول الآية "وأطيعوا الله ورسوله" فيما يأمراتكم به "ولا تنازعوا فتفشلوا" أي: لا تنازعوا في لقاء العدو ولا تختلفوا فيما بينكم فتجبنوا عن عدوكم وتضعفوا عن قتالهم "وتذهب ريحكم" أي: صولتكم وقوتكم. وقيل نصرتكم، وأيضاً دولتكم. والريح هاهنا، كناية عن نفاذ الأمر وجريانه على المراد.
وقيل: إن المعنى ريح النصر التي يبعثها الله مع من ينصره على من يخذله "واصبروا" على قتال الأعداء "إن الله مع الصابرين" بالنصر والمعونة.
أفادتنا الآية:
- القانون الإلهي- يجب أن يكون محور الوحدة، وعلى المجتمع البشري أن يخضع لإرادة السماء ويأتمر بأمر الله لا بأموسواه.
- تنازع المسلمين واختلافهم- عامل هزيمتهم قبال القوى الأجنبية.
- نصر الله وعونه- يتوقفان على ثبات المؤمنين وصمودهم وهذان ما يحرم منهما ضعاف الإيمان.
نستمع الآن، للآية السابعة والأربعين من سورة الأنفال المباركة:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاء الناس...
من الأخطار التي تهدّد المجاهدين –الغرور والرياء- فالجهاد يجب ان يكون في سبيل الله وبدافع الايمان فحسب، قوله تعالى مخاطباً المؤمنين "ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً" أي: بطرين يعني قريشاً خرجوا من مكة ليحموا عيرهم. فخرجوا بالقيان والمعازف- يشربون الخمور ويعزف عليهم القيال "ورئاء الناس" قيل: إنهم كانوا يدينون بعبادة الأصنام فلما أظهروا التقرب بذلك إلى الناس كانوا مرائين. وقيل: إنهم وردوا بدراً ليروا الناس أنهم لا يبالون بالمسلمين وفي قلوبهم من الرعب ما فيه، فسمى الله ذلك رئاءً "ويصدون عن سبيل الله أي: يمنعون غيرهم عن دين الله "والله بما يعملون محيط" أي: عالم بأعمالهم فيجازيهم ولا يخفى عليه منها شيء.
أفهمتنا الآية:
- ما يميز الجهاد وغيره من الحروب والممارك –الهدف والدوافع- فالمؤمنون يجاهدون في سبيل الله لإزالة الظلم ودرء الفتنة، وسواهم يقاتلون من اجل الهيمنة والفتوحات وعرض العضلات.
- إن الله هو السبيع البصير والناصر والمعين- وغم كل محاولاتالاعداء الذين يصدون المسلمين عن سبيل الله
والآن، نبقى مع هذه التلاوة العطرة للآية الثامنة والاربعين من سورة الأنفال المباركة:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم.....
"وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم" دخلت الواو عطفاً على حال المشركين في خروجهم بطراً ورئاء الناس، أي: وفي وقت تزيين الشيطان أعمالهم وذلك أن إبليس حسن لقريش سيرهم إلى بدر لقتال النبي صلى الله عليه وآله "وقال لا غالب لكم اليوم من الناس" أي: لا يغلبكم أحدٌ من الناس لكثرة عددكم وقوتكم "وإني" أي: مع ذلك "جارلكم" أي: ناصرلكم ودافع عنكم السوء "فلما تراءت الفئتان" أي: إلتقت الفرقتان "نكص على عقبيه" أي: رجع القهقرى منهزماً وراءه "وقال إني أخاف الله" أي: أخاف عذاب الله على أيدي من أرهم "والله شديد العقاب" لا يطاق عقابه. وقيل: معناه إني أخاف أن يكون قدحل الوقت الذي انظرت إليه فإن الملائكة لا ينزلون إلا لقيام الساعة او العقاب.
أفادتنا الآية:
- تزيين القبيح من الأعمال –من عمل الشيطان وعلينا أن نحذر مكر الشيطان وأضاليله.
- الشياطين –يؤججون نار الفتنه ويعدون بالنصر- فيخذلون من خذلوه.
- الشيطان –يعلم ما لله من قدرة في الدنيا والآخرة- وان كان لا يؤمن بالله وهذا ما يميز العلم عن الإيمان.
والآن، نستمع للآية التاسعة والأربعين من سورة الأنفال المباركة:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض....
"إذ يقول المنافقون" هذا يتعلق بما قبله، معناه: إذ زين لهم الشيطان أعمالهم إذ يقول المنافقون فلذلك حذف الواو وهم الذين يبطنون الكفر ويظهرون الإيمان "والذين في قلوبهم مرض" وهم الشاكون في الإسلام مع إظهارهم كلمة الإيمان.
وقيل: إنهم فتية من قريش أسلموا بمكة واحتبسهم آباؤهم فخرجوا مع قريش يوم بدر لمارأوا قلة المسلمين، قالوا "غر هؤلاء دينهم" حتى خرجوا مع قلتهم لأجل دينهم إلى قتال المشركين مع كثرتهم ولم يحسنوا النظر لأنفسهم حين اغتروا يقول رسولهم فبين الله تعالى أنهم هم المغرورون بقوله "ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم" معناه: ومن يسلم لأمر الله ويثق به ويرض بفعله وإن قل عددهم فإن الله تعالى ينصرهم على أعدائهم وهو عزيز لا يغلب فكذلك لا يغلب من توكل عليه وهو حكيم يضع الأمور مواضعها على ما تقتضيه الحكمة.
ما تعلمناه من الآية:
- النفاق –داء قلبي لا يعالج بالدواء- وانما يعالج بالإيمان والإذعان للحقيقة والواقع فحسب.
- المؤمن شيمته السعي –وانه لبلوغ الغاية وما يصبو إليه- يتكل على الله لا على سعيه هذا.
حضرات المستمعين الافاضل، إنتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة. نستودعكم الله والسلام عليكم.