بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة والذي نقدمه لحضراتكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. ونقدم فيه لحضراتكم تفسيراً مبسطاً لآيات من القرآن الكريم. ونبدء هذه الحلقة بتلاوة عطر للآية 92 من سورة المائدة، فلننصت اليها خاشعين:
وأطيعوا الله واطيعوا........... البلاغ المبين
الآيات السابقة ذكرت بعض الاوامر الالهية حول اجتناب القمار والشراب، وهذه الآية تأمرنا بطاعة الاوامر الالهية لأنّ في إطاعتها خيراً لكم وعليكم ان تخشوا عواقب عصيانها، مؤكدة أنه لا تحسبوا أنكم باعراضكم عن حكم الله تلحقون ضرراً بالله وبرسوله، بل ان واجب النبي (ص) تبليغ رسالة الله سبحانه وتعالى ، وهو لا ينتفع بتنفيذكم للتعاليم الالهية ولا يخسر شيئاً بترككم لها.
من هذه الآية نستنتج:
- واجب الانبياء هو ابلاغ الرسالة وليس فرضها على الناس واجبارهم على اتباعها، فهدفهم توعية الناس، والناس احرار في انتخاب طريقهم.
- ان طاعة الله تتجلى في طاعة انبيائه، لذا علينا بالاضافة الى طاعة اوامر القرآن ، طاعة او امر النبي التي وصلتنا بشكل سنّة له (ص).
والآن ايها الاكارم لننصت خاشعين الى تلاوة الآية 93 من سورة المائدة:
ليس على الذين ................ يحب المحسنين
ورد في الروايات انه بعد نزول آيات تحريم شرب الخمر، تساءل بعض المسلمين عن اولئك الذين شربوا الخمر قبل نزول هذه الآيات، فنزلت هذه الآية لتقدم لهم الجواب بأن: ما وقع قبل نزول الحكم فلا عقاب عليه بشرط ان لا يعودوا لفعله، فعليهم ان يتقوا ويعملوا اعمالاً صالحة بدلاً من القمار والشراب ويثبتوا اقدامهم على هذا النهج.
وفي هذه الآية تكررت كل من كلمتي التقوى والايمان ثلاث مرات، مما يوضح أهمية دورهما في امور الحياة المختلفة، فحصول الايمان القلبي واتباع التقوى في التصرفات، تضمن سعادة الانسان في الدنيا والآخرة.
ومن هذه الآية نستنتج:
- الاحسان للآخرين من اعلى درجات الايمان وسبب لحب الله للانسان.
- الايمان وحده ليس بكاف، يجب ان يرافقه العمل، وليس اي عمل بل العمل الصالح والحسنات والابتعاد عن الاعمال السيئة.
- الايمان المؤقت والمتفرق غير مجدٍ، واستمرار الايمان طوال العمر وفي جميع النواحي هو الذي يقود الى السعادة.
والآن ايها الاعزاء لننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآية 94 من سورة المائدة:
يا ايها الذين آمنوا ............ فله عذاب اليم
هذه الآية والآيات التي تليها متعلقة باحكام الحج، ما يترتب على الاشخاص الذين يريدون دخول مكة في ايام الحج، فلا يحق للحاج الذي أحرم ان يصطاد، والعجيب انه في تلك الايام قد يقترب الصيد من الانسان بصورة يمكنه ان يصطاده بكل سهولة، وهذا امتحان ال... لعباده ليتبيّن من يطيع اوامر ال... ممن يطيع اوامر نفسه.
وفي القرآن – نرى نماذج أخرى للامتحانات الالهية وأهمها قصة آدم وحواء في الجنة التي انتهت للأسف الشديد بفشلهما بهذا الامتحان وأكلهما من الشجرة الممنوعة.
طبعاً الله سبحانه وتعالى بعلمه للغيب يعلم ما نفعل، وامتحانه لنا ليس بهدف التعرف على ما نفعل، بل انه يوفر مستلزمات الامتحان لتتوفر مجالات تطور وازدهار قابلياتنا اولاً وثانياً كي نعرف انفسنا، فلا ندّعي ما لا نستطيع ان نبلغه، وكذلك فانه ازاء ما يفعله الانسان في الامتحان سيثاب او يعاقب، لان الثواب والعقاب انما يكون ازاء عمل الانسان، ليس عمل الله ، مثلما اننا لا نقدم لشخص جائزة لعلمنا بانه فنان مثلاً، بل لانه فعل ما يستحق عليه الجزاء.
على اي حال، المؤمنون يدّعون انهم مطيعون لاوامر الله عزوجل.
ولكن الطاعة لا يمكن اثباتها دون امتحان، اذا امر الله بشيء يخالف هواي فأطعته عندها يتبيّن اني مطيع الله، ليس فقط في الابتعاد عن الخمر والاطعمة المحرمة، بل حتى في ابتعاده عن الاطعمة الحلال، وبهذا تتبيّن طاعة الانسان لله وليس للأهواء والشهوات.
ومن هذه الآية نتعلم:
- الامتحان، احدى السنن الالهية المؤكدة بشأن جميع البشر وخاصة المؤمنين ومن يدّعون الايمان.
- ان اساس التقوى والايمان الخوف الباطني وليس فقط الحياء الظاهري الذي يمنع الانسان من ارتكاب السيئات امام الناس.
- في الحج، يحرم الله على الانسان الكثير ممّا أحلّه له كي يرقى بطاعته ويمتحنه في ظروف مختلفة.
وبهذا نصل واياكم الى نهاية هذا اللقاء على امل النجاح في العمل بجميع الاوامر الالهية واجتياز جميع امتحانات الحياة بموفقية، وحتى نلتقيكم في حلقة قادمة من هذا البرنامج، نستودعكم الله... والسلام عليكم.