بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على فخر الكائنات محمد المصطفى واله الطاهرين وسلام من الله عليكم حضرات المستمعين في حلقة جديدة من هذا البرنامج القرآني
يقول تعالى في الآية التاسعة والعشرين بعد المئة من سورة النساء المباركة:
ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وان تصلحوا وتتقوا فأن الله كان غفوراً رحيماً
اباح الله سبحانه وتعالى في النكاح الدائم للرجل الزواج من اربعة نساء في آن واحد. اي ان الشرع اجاز هذا الأمر اما ان يكون فيه ترغيب فلا ولابد لمن تزوج من اربعة من رعاية العدالة بينهن والقسمة كما هو مقرر في الشرع من مصاديق العدالة. لكن ثمة نقطة مهمة يشير اليها القرآن هنا وهي ان الزوج ربما تمكن من مراعاة العدالة المادية بين زوجاته لكنه لا يقدر على رعاية العدالة المعنوية بينهن فمن غير الممكن ان يقسم الحب والقلب من قبل واحد ازاء اربعة.
ولابد من التأكيد هنا ان الأسلام لم يرغب في تعدد الزوجات وان اباحه والاباحة شيء والترغيب شيء آخر كما هو واضح.
والنقطة الثانية هي ان بعض الحوادث الطبيعية وظهور الحروب ووجود بعض الأنظمة الأجتماعية نهيء الأجواء لتعدد الزوجات ولا يخفى ان تعدد الزوجات افضل من اتخاذ الرجل خليلات عدة له من دون عقد شرعي، وفي المجتمعات الغربية نلاحظ اليوم العلاقات غير المشروعة بين رجل وعدة نساء في آن واحد وربما العكس وهذا مرده عدم وجود قانون تعدد الزوجات في تلك المجتمعات. والأسلام اكد كثيراً على لزوم العدالة في التعامل مع الزوجات وجاء القرآن صريحاً ليقول فأن خفتم الا تعدلوا فواحدة والنقطة الثالثة التي تحتم الأشارة اليها هنا هي ان البعض من الرجال يسيئون الأستفادة من القانون والشرع فيقدمون على التزوج من اربعة في آن واحد دونما رعاية للعدالة. لكن استغلال القانون شيء وسنه شيء آخر ولا يمكن تعطيل القانون لمجرد استغلاله السيء من قبل البعض كما هو واضح.
هذا ولا يجوز لمن تزوج امرأة ان يذرها معلقة لاهي زوجة ولا هي مطلقة والقرآن الكريم يقول امساك بمعروف او تسريح باحسان
ويقول تعالى في الآية الثلاثين بعد المئة من سورة النساء:
وان يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيما
من حصائص الأسلام المهمة انه يقدم طرق الحل العملية والمنطقية على اساس الضرورات والحقائق الموجودة في الأسرة والمجتمع. ان الأسلام وبلا ادنى شك دين سمح بعيد عن الجفاء وفيه غضة ومرونة، ومن هنا لا يكلف اتباعه بما لا يطيقون ولا يضحهم امام طرف مسدودة.
ومن المسائل التي تهم المجتمع ويشير اليها الأسلام مسألة الطلاق. الأسلام يحث على الزواج وقدوردت بهذا الشأن نصوص قرآنية ونبوية كثيرة. لكنه اباح الطلاق وان عده مكروهاً والأسلام اذا ما اباح الطلاق فأنه فعل ذلك لمصلحة الزوجين حيث قد تقتضي بعض الظروف الأنفصال، فما جدوى حياة يعيش فيها الزوجان الشقاء والضغوط النفسية؟ على ان الأسلام لا يعد الطلاق هزيمة ويبعث القرآن بآياته المباركات الأمل في نفوس الزوج والزوجة اذا انفصلا لأن الله يغني كلاً منهما من فضله وسعته.
وعلينا ان نذكر ان الطلاق هو آخر طريق حل لخلافات الأسرة ومن يدرينا لعل الأصلاح يحل هذه الخلافات فتزول ولا يكون من بعد ذلك الى الطلاق حاجة. ولابد من القول كذلك ان الطلاق ليس مذموماً على الدوام فأذا ما آل امر الزوج او الزوجة الى الأنتحار فاولى لهما الطلاق لانه اقل ضرراً وقد يبدو الطلاق في احيان ضرورة خصوصاً مع ثبوت وجود علاقات غير مشروعة من قبل الزوجة مع شخص غير زوجها. اعاذنا الله واياكم من وساوس الشيطان ونور قلوبنا بانوار الرحمن.
ويقول تعالى في الأيتين الحادية والثلاثين والثانية والثلاثين بعد المئة من سورة النساء:
ولله ما في السموات وما في الارض ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله وان تكفروا فأن لله ما في السموات وما في الارض وكان الله غنياً حميدا ولله ما في السموات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا
تبين هاتان الأيتان ان رعاية التقوى ليس امراً اوصي الله به المسلمين فقط بل ان الله تعالى اوصى به اتباع الأديان الأخرى قبل الأسلام كذلك ومثل هذه التوصية ليس فيها لله نفع فهو غني حميد ومالك السموات والارضين، وحتى ان كفر كل من في السموات والأرض فأن الله غني حميد.
ونتعلم من هذا النص القرآني الكريم الأمور التالية:
اولاً: انه لا تعارض بين الأديان الألهية فهي كلها من مصدر واحد هو الله تعالى وهي جمعها تؤكد على رعاية الحدود والقوانين الألهية.
ثانياً: ينبغي الخوف من الله تعالى فقط لانه جلت قدرته الخالق الوحيد ومالك الأنسان وكل الوجود وعلى العبد ان يطيع معبوده ويسمع اوامره.
ثالثاً: ان نتوكل على الله ونضع ثقتنابه لانه حسبنا ونعم الوكيل وعلى الله فليتوكل المتوكلون ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم،
والسلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله وبركاته.