بسم الله الرحمن الرحيم، الحمدلله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد واله الطاهرين، نحييكم تحية الأيمان حضرات المستمعين ويسرنا ان نقدم لكم حلقة جديدة من هذا البرنامج القرآني كونوا معنا
لقد انهينا كما تعلمون تفسير 119 آية من آيات سورة النساء ونبدأ هذه الحلقة بتفسير الآيتين العشرين والحادية والعشرين بعد المئة من هذه السورة المباركة، حيث يقول تعالى:
يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان الا غروراً اولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصاً
يبين هذا النص القرآني الشريف ان الوعود الكاذبة والجري وراء الأماني الخادعة من اساليب الشيطان اللعين لا ضلال الأنسان وحرفه عن جادة الصواب وجاء في بعض الروايات أنه عندما نزلت آيات القرآن الداعية للتوبة والمبشرة بغفران الله للذنوب جميعا
جمع ابليس جنوده وقال لهم ما مضمونه: ان توبة الأنسان تقضي على كل خططنا، فقال له احد الشياطين كلما اراد احد التوبة ، فأننا نمنيه الأماني البراقة وهنا يؤخر توبته حتى ينساها انظر عزيزي المستمع كيف ينفذ الشيطان الى قلوب الناس؟ وكيف يبعدهم عن دينهم اذن علينا ان نكون من الشيطان حذرين والى ربنا تائبين لانه مولانا وهو نعم المولى ونعم النصير وكيفما كان فأن الأماني الزائفة توقع الانسان في حبائل الشيطان وان الوعود الكاذبة للآخرين حتى الأطفال منهم حرام لأنها من عمل الشيطان
ويقول تعالى في الآية الثانية والعشرين بعد المئة من سورة النساء:
والذين امنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ابداً وعد الله حقاً ومن اصدق من الله قيلا
في تفسير الأيات السابقة ذكرنا بأن الشيطان يشغل الانسان بالوعود الفارغة والأماني الزائفة واذا ما وعد الانسان وعد كان ذلك الوعد بعيداً عن الحقيقة والواقع بل هو كذب وخداع ليس الا.
وتبين هذه الأية ان وعد الله حق وانه تعالى اذا وعد لا يخلف وعده ابداً والله لا يخلف الميعاد والله تعالى يعد المؤمنين الجنة وفي يوم الجزاء يتحقق هذا الوعد، حيث يدخل المؤمنون جنة عرضها السموات والأرض اعدت للمتقين يبقون فيها خالدين، بل ويستفاد من بعض الروايات ان الجنة من نصيب المؤمن حتى في الحياة البرزخية فقد ورد في الحديث الشريف القبر اما روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران وما نتعلمه من هذا النص ان الأيمان والعمل الصالح متلازمان وانهما لا يفترقان وان وعد الله حق يدخل من أمن به وعمل صالحاً جنات الخلد وجنات النعيم فهنيئاً للمؤمنين العاملين.
ويقول تعالى في الآية الثالثة والعشرين بعد المئة من سورة النساء:
ليس بامانيكم ولا اماني اهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً
ان من الأماني التي يلقيها الشيطان في قلوب المذنبين ان يقول لاحدهم اتك مسلم او نصراني، فالله من اجل هذا لا يعذبك ذلك ان العذاب لاتباع الديانات الأخرى بهذه الفكرة الخاطئة التي يجعلها الشيطان تخامر عقول المذنبين، تشاع الفاحشة ويشاع الأثم ويسد طريق التوبة. وتأتي هذه الأية محذرة من احابيل الشيطان هذه وتبين ان الأثم والمعصية يورثان العقاب اياً كان الفاعل ولأي الديانات انتمى ولا فرق في ذلك بين المسلم والنصراني واليهودي وغيرهم.
وجاء في التاريخ ان خلافاً نشب بين جماعة من المسلمين واهل الكتاب، فتوقع المسلمون ان النبي الأكرم (ص) سيحكم في الخلاف لصالحهم لكن الأصل في الحكم هو رعاية العدالة لا الإنحياز للقريب فالجميع متساوون امام القانون في الدين الأسلامي الذي تقوم كل تعاليمه على اساس الحق والعدل لا الخيال والأميال النفسية.
ويقول تعالى في الآية الرابعة والعشرين بعد المئة من سورة النساء:
ومن يعمل من الصالحات من ذكر او انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا
تبين هذه الاية المباركة الضابطة العامة للجزاء يوم القيامة ولابد من القول ان الأيمان هو شرط قبول العمل الصالح من الأنسان ذكراً كان او انثى وهذا امر واضح لاغبار عليه فمن لا يؤمن بالله ولا يؤمن باليوم الأخر كيف له ان يتوقع ان يجازيه الله في يوم الجزاء؟ وفي منطق القرآن انما يتقبل الله من المتقين والتقوى من علائم الأيمان وانما في لغة العرب تفيد الحصر فتأمل وتدبر.
على انه ثمة حقيقة لابد من التأكيد عليها هنا وهي ان رحمة الله واسعة وفضله تعالى كبير وربما بفضله ورحمته يثيب بعض المحسنين من غير المؤمنين اذا لم يكونوا من الجاحدين لكن هذا هو غير توقع الجزاء والأستحقاق في معناه العام.
اذن تكون محصلة الكلام ان الأيمان والعمل الصالح هو طريق الدخول الى الجنة اما الأماني الفارغة فلا نفع فيها وان الأيمان كما قلنا شرط قبول الأعمال وان خدمات وحسنات غير المؤمنين يثيب عليها الله في الدنيا بفضله فهو ذو الفضل العظيم.
نسأل الله تعالى ان يوفقنا للأيمان ويبعد عنا وساوس الشيطان والسلام على من اتبع الهدى ونأى عن الضلالة والردى.