البث المباشر

تفسير موجز للآيات 35 حتى 39 من سورة النساء

الثلاثاء 28 يناير 2020 - 07:24 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 122

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيدنا محمد واله الطاهرين السلام عليكم مستمعينا الكرام ، مرة اخري نكون معكم في رحاب القرآن اصدق القول واحسن الحديث لنواصل تفسير آيات اخري من سورة النساء:

 

يقول تعالي في الاية الخامسة والثلاثين من هذه السورة المباركة:

 وان خفتم شقاقاً بينهما فابعثوا حكماً من اهله وحكماً من اهلها ان يريدا اصلاحاً يوفق الله بينهما ان الله كان عليماً خبيراً 

كما هو واضح الاية الكريمة هذه فأنها تقدم نموذجاً الهياً للمحكمة الأسرية لفض النزاعات العائلية حيث يدعو القرآن الكريم الي حل الخلافات ان برزت بين الزوج والزوجة والسعي من اجل الحؤول دون الطلاق وهو ان كان حلالاً وجائزاً لكنه مكروه ، وفيه هدم للاسرة وتشتت أوصالها

وفي هذا الاقتراح الاسلامي القيم الكثير من الفوائد منها:

اولاً: حل لمشاكل الاسرية بعيداً عن الغرباء حفظاً لحرمة الاسرة وكيانها.

ثانياً: بما ان التحكيم هو من أقرباء الزوجين فأنه يكون مقبولاً علي خلاف المحاكم المتعارفة حيث يلاحظ في الغالب كثرة الاعتراضات علي احكامها.

ثالثاً: ان المحكمة الاسرية هذه تسعي لازالة العوائق والعقبات من طريق الزوجين وليس هدفها ادانة طرف علي حساب طرف آخر.

والذي نستفيده من هذا النص القرآني:

  •   توجد مسؤولية للمجتمع ازاء الاسرة.
  •  ضرورة معالجة المشاكل فبل تفاقمها.
  •  ثبوت المساواة بين الرجل والمرآة في اختيار الحكم.
  • اذا كان مبني العمل حسن النية فأن النتيجة تكون مقرونة بالتوفيق الالهي.

 

ويقول تعالي في الاية السادسة والثلاثين من سورة النساء: 

 واعبدوا الله ولاتشركوا به شيئاً وبالوالدين احساناً وبذي القربي واليتامي والمساكين والجار ذي القربي والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت ايمانكم ان الله لايحب من كان مختالاً فخوراً 

الايات السابقات كانت تتحدث عن مسؤولية الانسان المؤمن ازاء اسرته بيد ان هذه الاية والايات التي تليها تتناول هذه المسؤولية ازاء المجتمع.

ان الانسان المؤمن وعلاوة علي طاعة الله تعالي لابد له ان يحسن الي والديه والي اقربائه واصدقائه وجيرانه والي اليتامي والفقراء والمساكين . والمسألة التي تلفت النظر في هذه الاية انها تعتبر المسؤولية احساناً والاحسان اصطلاح اكثر شمولية من الانفاق فالانفاق يتم علي الفقراء والمحتاجين هذا غير الانفاق الواجب المنصوص عليه غير ان الاحسان امر يتعدي هذه الحدود اذ ليس الفقر شرطاً في الاحسان ومن هنا يعتبر القرآن الكريم حسن التعامل مع الابوين من اعلي درجات الاحسان.

ونتعلم من هذه الاية مايلي:

اولاً: في هذه الاية الشريفة وضح حق الله تعالي وهو عبادته وحق الناس وهو الاحسان اليهم وهذا ان دل علي شئ فأنما يدل علي شمولية احكام الاسلام.

ثانياً: ليس الصلاة والعبادات الاخري كافية لوحدها اذ لابد بشكل عام من كسب رضي الله تعالي شأنه في كل شئ.

ثالثاً: اهمية الاحسان الي الوالدين ومن بعدهما الي ذوي القربي والاصدقاء والجيران والفقراء.

 

ويقول تعالي في الاية السابعة والثلاثين من سورة النساء:

 الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله واعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً 

تشير هذه الاية الي الاغنياء البخلاء المانعين للخير حيث انهم لاينفقون علي الفقراء واضافة الي ذلك يشجعون الاخرين علي البخل مثل هؤلاء البخلاء يبخلون علي انفسهم كذلك ويخفون عن الاخرين ثرواتهم ويري القرآن الكريم ان مثل هؤلاء مهما كان لهم ايمان في الظاهر فهم كفار في الواقع لهم العذاب والذلة والخذلان وبئس المصير.

ويستفاد من هذه الاية ان بعض الامراض النفسية مثل البخل كالامراض الجسمية تكون مسرية وان من مظاهر شكر نعم الله الاستفادة منها في الانفاق علي الاخرين واعمال الخير وهذه النعم هي من فضل الله علينا فلا ينبغي ان نبخل بها لأن فضل الله واسع كبير. 

 

ويقول تعالي في الايتين الثامنة والثلاثين والتاسعة والثلاثين من سورة النساء:

والذين ينفقون اموالهم رئاء الناس ولايؤمنون بالله ولاباليوم الاخر ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قرينا  وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الاخر وانفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليماً 

تبين هاتان الايتان: ان البخل يبعد الانسان عن الايمان بالله ويوم القيامة. ذلك ان من لوازم الايمان اعطاء الزكاة والصدقات ومن يتخلف عن هذا الواجب فقد عصي الله ويلاحظ ان البعض من الاغنياء اذا ما انفقوا انفقوا في المصالح العامة مثل بناء المدارس والملاجئ هذا العمل في حد ذاته امر مطلوب لكنه اذا كان بدافع الشهرة فلاخير فيه وكما جاء في الحديث الشريف فأن نية المرء خير من عمله.

والذي يستفاد من هذا النص الشريف: ان الانفاق رياءاً هو كالبخل امر مذموم ولابد للانفاق السليم ان يتجاوز حدود المادة والمال فمن وجوه الانفاق مثلاً تعليم العلم للاخرين.

نسأل الله سبحانه وتعالي ان يوفقنا لما يحب ويرضي وان يمن علينا بلطفه ومنه وكرمه انه مجيب الدعاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة