بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي الهادي الي الصراط المستقيم ، سيدنا ونبينا محمد وعلي اله الطيبين الطاهرين ، واللعن علي من اعدائهم الي قيام يوم الدين ، السلام عليكم مستمعينا الكرام هذه حلقة اخري من نهج الحياة نبدأها بتلاوة الآية الثالثة والاربعين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:
ولقد كنتم تمنون الموت من قبل ان تلقوه فقد رأيتموه وانتم تنظرون
ان اول غزوة في تاريخ الاسلام الزاهر هي غزوة بدر، وفي هذه الغزوة انتصر المسلمون علي المشركين واستشهد فيها نفر من المسلمين، البعض من المسلمين تمني في حينها ان ينال درجة الشهادة الرفيعة بيد ان هؤلاء عندما شاهدوا الهزيمة تلحق بالجيش الاسلامي في معركة احد ، فروا من مواقعهم في جبهة الحرب وتركوا النبي (ص) وتأتي هذه الاية المباركة ، لتنتقد هؤلاء المتقاعسين الذين يعيشون الأماني لاغير.
وتعلمنا ان لاننخدع بالاماني ذلك انه ليس في الامكان ان تتحقق كما نريد ويستفاد من هذا النص القرآني ان من يدعونَ الايمان كثيرون ، لكن القليل من المؤمنين من يضحون وفي سبيل الله والعقيدة الحقة يستشهدون.
ويقول تعالي في الاية الرابعة والاربعين بعد المئة من سورة آل عمران الشريفة:
وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افإن مات او قتل انقلبتم علي اعقابكم ومن ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين
من الاحداث التي وقعت في معركة احد جرح النبي (ص) وعندما نزف الدم من ناصيته المباركة اشاع الاعداء ان محمداً (ص) قد مات هذه الاشاعة أفرحت الكفار والمنافقين وفي المقابل جعلت بعض المسلمين من ساحة الحرب يفرون لكن في مقابل هؤلاء كان بين المسلمين من كان ثابت العزم راسخ الجنان ، حيث قالوا ان كان محمداً (ص) قد مات فأن رب محمد حي لايموت وتوضح هذه الاية ان الانبياء (ع) الماضيين قد ماتوا اما رسالاتهم فقد بقيت واتباعهم بقوا علي نهجهم ثابتين.
ونستفيد من هذه الاية ان الانبياء كسائر البشر من بعد حياة يموتون وانه وفقاً لقوانين الطبيعة لاينبغي ان نتوقع لهم الخلود في الحياة الدنيا ففي نص قرآني صريح يخاطب الله تعالي نبيه بالقول انك ميت وانهم ميتون فكل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والاكرام كما صرحت بذلك سورة الرحمن نعم ان عمر الانبياء محدود بيد ان شرائعهم باقية والارتداد عن الدين لايعود بالضرر الا علي المرتد وحده فالله تعالي غني حميد وان كفر من في الارض جميعاً
ويقول تعالي في الاية الخامسة والاربعين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:
وماكان لنفس ان تموت الابأذن الله كتاباً مؤجلاً ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها، ومن يرد ثواب الأخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين
ان من الاسباب التي تدعوا البعض الي الهزيمة من جبهة الحرب الخوف من الموت وحفظ النفس من الخطر، الاان هذه الأية تؤكد علي حقيقة لامفر منها وهي ان الموت والحياة بيد الله تعالي وان ساعة الأجل عندما تحل يموت الانسان ، وينسب الي امام المتقين علي بن ابي طالب عليه افضل الصلاة والسلام قوله كفي بالأجل حارساً علي ان البعض يتوجه الي الحرب طلباً للدنيا انه يريد ان يجمع منها الغنائم واخرون يشقون اليها سبيلاً هو سبيل الاخرة اذ ينشدون رضا الله تعالي ليفوزوا مع الشهداء والصالحين في جنات النعيم وحسن اولئك رفيقاً والعاقبة للمتقين
ولنتلو عليكم آيات بينات ثلاثة اخري من سورة آل عمران هي الايات 146و 147و 148:
وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا علي القوم الكافرين فأتاهم الله ثواب الدنيا وثواب الخرة والله يحب المحسنين
من بعد الأيات التي تحدثت عن ضعف بعض المسلمين وفرارهم من الحرب، تأتي هذه الآيات لتشير الي تاريخ الأنبياء السابقين وان اتباعهم كانوا علي العزم ثابتين وامام هجمات الأعداء مقاومين، هذه الأيات تحث المسلمين علي الأقتداء بهذه السيرة النيرة ونصرة نبيهم خير البرية وهاديها ويحدث القرآن هنا عن ان اتباع الأنبياء (ع) كانوا اهل جهاد ودعاء وتضرع، انهم كانوا يدعون الله ان ينصر الحق ويزهق الباطل وقد استجاب الباري لدعائهم ونصرهم علي الكافرين ومثل هؤلاء المجاهدين الحقيقين غنموا فنالوا خير الدنيا وجاهدوا بثبات فنالوا خير الأخرة وانه لخير وفير فالاخرة خير وابقي والله عنده حسن المأب.
والي الدروس والعبر من هذا النص الشريف:
اولاً: ان نأخذ العبر من دروس التاريخ.
ثانياً: ان يكون الأيمان بالله هو اساس الثبات علي المبادئ في سوح الحرب
ثالثاً: تاريخ الأنبياء ملئ بالجهاد والمثابرة.
رابعاً: المهم اداء الواجب والتكليف الالهي، حالفنا النصر اولم يحالفنا
خامساً: من اسباب الهزيمة الأثم والمعصية.
نسأل الله ان ينقي ثياب انفسنا من المعاصي والأثام، وان يمن علي المسلمين بالعزة والرفعة والثبات، انه سميع مجيب وخير ناصر ومعين والسلام علي من اتبع الهدي وامن الضلالة والهوي.