بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، حضرات المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقاء آخر يجمعنا واياكم وتفسيرا موجزا لآيات من القرآن الكريم، والتي تستمعون اليها بصوت القارئ برهيزكار، كونوا معنا بعد هذا الفاصل.
مستمعينا الأفاضل، يقول تعالى في الآيتين السادسة والخمسين بعد المئتين والسابعة والخمسين بعد المئتين من سورة البقرة؛
لا إكراه في الدين............. خالدون.
من الضروري أن نؤكد هنا أن الإيمان أمر قلبي لا يمكن أن يتأتّى بالإجبار والإكراه، لكن الدليل الساطع والأخلاق الفضيلة والموعظة الحسنة هي التي تربي في الإنسان روح الإيمان، لقد بعث الله تعالى الرسل والكتب السماوية، فيها تبشير وإنذار، لكنه تبارك اسمه جعل الإنسان حرا في اختيار الدين وحتى الأنبياء عليهم السلام لم يجبروا أحد من الناس على قبول الإيمان لأن الإيمان القسري لا قيمة له. ومن يتخلص من ربقة الطاغوت يكون عبدا لله، فإنه تعالى يتكفل بأمره ويهديه الصراط المستقيم ويحفظه من أخطار الضلال والتيه، ولكن من يختار غير الله رباً يبقى متخبطا في ظلام الجهل والخرافة والشرك وما له الى الإيمان الناصع من سبيل.
وتعلمنا هذه الآيات، مستمعينا الكرام، ما يلي:
أولا: الدين الذي له قيمة هو الذي يقوم على أساس المعرفة والإدراك وتنير مصابيحه القلوب بحرية واختيار دونما إكراه وإجبار.
ثانيا: طريق الحق واحد وطرق الباطل عديدة ويمكن أن نلاحظ هذا المعنى من القرآن ذاته حيث جاء كلمة النور مفردة والظلمات في المقابل جمع.
ثالثا: طريق الحق نور وفيه الهدوء والأمل للنفس المعذبة بعذاب الشرك والطغيان، أما طريق الباطل فيقود الى طريق الضلال والجهل والإضطراب.
فــــــاصـــــل
ويقول تعالى في الآية الثامنة والخمسين بعد المئتين من سورة البقرة:
ألم تر .................. الظالمين.
نعم عزيزي المستمع؛ كما جاء في التاريخ وكتب التفسير، أن نمرود، وكان من ملوك بابل، إدعى الألوهية وكان قد صيّر الناس خولاً وعبيداً له؛ عندما سمع بأن النبي ابراهيم (ع) يدعو الناس الى الإله الواحد الأحد، الى الله تعالى شأنه، قال له إنني أفعل ما يفعل ربك، فقال ابراهيم (ع): الموت والحياة بيد الله. فقال نمرود: أنا كذلك أحيي وأميت، وأمر بإحضار سجينين، أطلق سراح الأول وأمر بقتل الثاني، وما كان فعل نمرود هذا إلا مغالطة، فقال ابراهيم (ع): إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب. نمرود لم يقدر على الجواب هنا وبهت لما سمع، لكنه مع هذا رفض قبول الحق، وكما يستفاد من آيات القرآن الكريم، أمر نمرود بإلقاء ابراهيم (ع) في النار التي صارت بأمر الله تعالى بردا وسلاما على الخليل.
مستمعينا الأفاضل؛ ويقول تعالى في الآية التاسعة والخمسين بعد المئتين من سورة البقرة؛
أو كالذي ...................... قدير.
كما جاء في تفسير الذكر الحكيم، أعزائي المستمعين، إن هذه الآية المباركة تتحدث عما جرى لنبي الله عزير، وكان من أنبياء بني اسرائيل، إذ مرّ هذا النبي على قرية خاوية على عروشها وقد مات أهلها، أراد عزير أن يرى قدرة الله على إحياء الموتى، فطلب من ربه أن يريه هذا وعاش عزير تجربته الموت والإحياء بنفسه. لقد أماته الله مئة عام ثم أحياه، أما هو فقد تصور أنه نام لمدة قصيرة.
وتعلمنا هذه الآية أولا: إن إحياء الموتى يوم القيامة ليس بالأمر المحال لقدرة الله من جهة، ولأنه تعالى أرانا نماذج لهذا العمل في الدنيا. وثانيا: يعرض الله قدرته في هذه الدنيا بأشكال مختلفة، وعليه لا ينبغي أن نشكك في أمر المعاد الجسماني، فهو أمر جائز على يد القدرة الإلهية.
مستمعينا الأفاضل بهذا تنتهي حلقة هذا اليوم من برنامج نهج الحياة قدمناه لكم من إذاعة طهران، صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، حتى لقاء جديد نتمنا لكم أطيب الأوقات وأسعدها؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.