بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين، السلام عليكم مستمعينا الأفاضل ورحمة الله تعالى وبركاته؛ تحية عطرة نقدمها لكم ويسرنا أن نكون معكم على مائدة القرآن مرة أخرى وتفسير للآيات السابعة عشرة والثامنة عشرة والتاسعة عشرة من ثاني سور الذكر الحكيم، أي سورة البقرة في برنامج نهج الحياة.
مستمعينا الكرام؛ يقول تعالى في الآية السابعة عشرة من سورة البقرة:
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّـهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ ﴿١٧﴾
نعم مستمعينا الكرام؛ الآيات السابقة لهذه الآية المباركة تناولت نماذج من سلوكيات المنافقين وأقوالهم وتأتي هذه الآية الكريمة لتشبه المنافقين بمن يوقد ناراً في صحراء مظلمة فنور ايمان المنافقين هو كنور منبعث من نار ضئيلة سرعان ما تنطفئ وتتحول الى رماد ودخان، وإذا كانت أنوار الإيمان منطفئة في قلوب المنافقين فإن في نفوسهم تشتعل نيران الكفر، والنور الضعيف في المنافقين منشأه الفطرة التوحيدية التي فطر الله الانسان عليها ولكن هذا النور وبفعل العناد والعصبية يخفت شيئاً فشيئاً ومن بعد ذلك يخفى بأستار الظلم والجهل، ثم يحيط ظلام الكفر المنافقين من كل حب وصوب، لكن ميدان الحياة هو كالبيداء في الديجور تحتاج الى سراج منير على الدوام لتخطي عقباتها وتجاوز مشكلاتها. إن الرياح العواصف سرعان ما تطفأ الأنوار الضعيفة فيكون الإنسان والحال هذه في حالة الظلام.
إذاً مستمعينا الأفاضل، نستفيد من الآية الشريفة الدروس التالية:
- نور إيمان المنافق مثل ضوء النار الضعيفة لا دوام له.
- وجود المنافق هو مدعاة لإشعال نار الفتنة.
- المنافق يستفيد من النار من أجل الوصول الى أهدافه الشريرة.
- وفي عاقبة الأمر يخزي الله المنافقين.
والآن لنستمع مستمعينا الكرام الى الآية الثامنة عشرة من سورة البقرة:
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿١٨﴾
نعم مستمعينا الكرام؛ المنافق كسائر الناس له سمع وبصر ولسان، بيد أنه لا يرى الحقائق ولا يسمعها ولسانه يمتنع عن إظهار هذه الحقائق ومن هنا جاء تشبيه القرآن المنافق بالأعمى والأصم والأبكم، وقد استخدمت آيات أخرى من القرآن الكريم تعابير أخرى لوصف المنافقين مثل قوله تعالى: (لا يشعرون)، وقوله تعالى (لا يعلمون)، وقوله تعالى (لا يبصرون)، وقوله تعالى (يعمهون). إن الكفر الباطني عند المنافق يعمي بصره ويصم سمعه ويشل لسانه ويغطي الحقائق؛ إنه كالكافر يرى الحقائق مقلوبة ويفتقد كذلك القدرة على تشخيص الحق من الباطل وبذهاب إيمان المنافق فإن ظلمات الكفر تستولي عليه حتى يعمى بصره ويصم سمعه ويعجز لسانه عن قول الحق وتكون النتيجة حركة في مهاوي الظلام والتخبط، وبالتالي السقوط والهلاك وهو طريق لا رجعة فيه ولا نجاة.
مستمعينا الكرام ما زلتم تستمعون الى برنامج نهج الحياة يقدم لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران؛
والآن الى الآية التاسعة عشرة حيث يقول عز من قائل:
أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّـهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ﴿١٩﴾
في هذه الآية المباركة مستمعينا الكرام يشبه الله المنافق بالذي ضل سبيله وفقد نوره وضياءه وهو في الظلمات حائر لا يدري إلى أين يقصد، يتخبط في الوحل تحت زخات المطر في ظلام دامس يخدش سمعه صوت الرعد ويؤذي بصره ضوء البرق ويحيطه الخوف والوجل من كل جانب.
والآن الى الدروس المستقاة من هذه الآية:
- المنافقون يحيط بهم القلق من كل جانب ويعيشون الحرة والإضطراب في هذه الدنيا.
- جرس الموت يدق دوما في أسماع المنافقين ويسلب هدوءهم النفسي.
- إنه الله يعلم خطط المنافقين وإنه سبحانه وتعالى يفشي أسرارهم ومؤامراتهم.
- إن عاقبة النفاق، الكفر، حيث نقرأ في هذه الآية قوله تعالى: (والله محيط بالكافرين) بدلا من قول (والله محيط بالمنافقين).
- ليس للمنافقين نصيب من مطر السماء إلا الرعد والصواعق المميتة.
نعم مستمعينا الكرام إن القرآن الكريم رحمة إلهية للعالمين إلا أنه للمنافق جرس خطر وسبيل الى فضحه وذلته وهوانه؛ نسأل الله أن ينأى بنفوسنا عن النفاق وأهله ويحفظنا من شرور المنافقين، إنه سميع مجيب.
مستمعينا الكرام من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران قدمنا لحضراتكم حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة، نشكركم على حسن متابعتكم؛ حتى الملتقى في لقاء قادم إن شاء الله نستودعكم الله والسلام عليكم.