البث المباشر

حديث الامام الصادق (ع) عن المعافى الشاكر

السبت 9 نوفمبر 2019 - 10:42 بتوقيت طهران
حديث الامام الصادق (ع) عن المعافى الشاكر

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 288

نص الحديث

قال الامام الصادق عليه السلام: "المعافى الشاكر: له مثل أجر المبتلى الصابر".

دلالة الحديث

الحديث المتقدم يجسد صورة تشبيهية ولكن التشبيه فيه ليس تخيليا بل هو التشبيه الواقعي، والفارق بين الواقعي والتخيلي (مع ان كليهما حق) يتميز بكون الواقعي هو: ما ينتزع من الحياة ذاتها دون ايجاد رابط خارجي بين المشبه والمشبه به كأيجاد الرابطة بين الكنز والقناعة في التشبيه الذاهب الى ان القناعة كالكنز، والمهم الان هو ملاحظة التشبيه المتقدم حيث ينطوي على نكات بلاغية في غاية الاهمية، وهذا ما نبدأ بملاحظته الان.
من الواضح ان الابتلاء او الشدة تظل في التصور الاسلامي طبيعة الحياة الدنيا بصفتها سجن المؤمن ولذلك فان (الصبر) على الشدة يظل هو الخيار الافضل للشخصية، لكن النص الذي نحدثك عنه، لا يحدثنا عن الابتلاء أو الشدة والصبر على ذلك بل يحدثنا عن الضد وهو العافية او الصحة، ويعتبرها مماثلة للشدة والصبر عليها من حيث (الشكر) لله تعالى على نعمة الصحة وهذا يعد من الاسرار الكبيرة في ميدان السلوك العبادي المطلوب، اذن: ماذا نستخلص من الحديث؟ الجواب: نستخلص بان الشكر على النعمة مماثل للصبر على الشدة، كيف ذلك؟.

بلاغة الحديث

ان السر البلاغي في الحديث هو: ان التعامل مع الله تعالى هو: الميزان في السلوك سواء اكنت راضياً بقضاء الله تعالى في الشدة ام كنت شاكراً لنعم الله تعالى في الرخاء فان النتيجة واحدة في الحالتين، كيف ذلك؟ الجواب: في حالة شكرك لله تعالى على النعمة تكون بذلك قد اقررت بأن الله تعالى هو صاحب النعمة وحينئذ لامناص من الشكر عليها، واما في حالة صبرك على الشدة تكون كذلك من حيث انك تقر بأن الرضا بما ينتخبه الله تعالى لك هو: نفس نعمه عليك بصفة ان البلاء او الشدة اما ان يكون عقاباً عاجلاً للذنب او زيادة في درجة الثواب الاخروي، وفي كلتا الحالتين تكون انت الراضي بقضاء الله تعالى قد اشبعت حاجتك تماماً، كما ان صاحب العافية قد اشبع حاجته، اذن: توضح الان مدى التشابه بين الشدة وبين النعمة من حيث ينتهيان بالشخصية الى نتيجة واحدة هي: اشباع الحاجات او تحقيق الامال بالنحو الذي اوضحناه.
اذن:ادركنا الاسرار الكامنة وراء الحديث الذي اعتمد تشبيهاً واقعيا في توضيح المماثلة بين الراضي بالشدة والصابر عليها وبين المعافى من الشدة ولكنه شاكر لله تعالى على ذلك.
ختاماً:نسأله تعالى ان ينتخب لنا ما فيه صلاح آخرتنا ودنيانا وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة انه سميع مجيب.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة