مازالت الأحاديث جارية بعد مرور أسبوع على مقتل زعيم حركة داعش الإرهابية الذي كان يطلق على نفسه الخليفة على يد القوات الأمريكية في سوريا، أحاديث تدور حول كيفية مقتله، إذ شككت روسيا برواية أمريكا حول مقتله.
ومن جانبه يحاول ترامب استغلال هذا الحدث كورقة رابحة في الانتخابات الأمريكية إضافة إلى تهدئة الأوضاع الغاضبة من سياساته داخليا وخارجيا بعد خروج القوات الأمريكية من سوريا، إذ مهد الأرضية لهجوم تركيا على سوريا بذريعة التصدي للكرد.
هذا وقد سارت روسيا في اتجاه النقيض من رواية أمريكا ورفضت مقتل البغدادي معللة هذا بعدم تقديم الأدلة على هذا الأمر.
قدمت داعش زعيمها الجديد الذي يدعى أبو إبراهيم الهاشمي القرشي وقد قامت حركتان تابعتان لها في مصر وبنغلادش بمبايعة الزعيم أو الخليفة على حد تعبيرهم، وان كان هذا الأمر يدل على شيء فانه يدل على بداية العمليات الجديدة لداعش إذ حذر خبراء غربيون من هذا الأمر، وذهبوا إلى أنه إذا لم يتم القضاء على جذور الحركة ولم يتم تجفيف منابعها، فعلى الغرب أن يستعد لمواجهة الجيل الحديث من داعش.
تاريخيا يعود ظهور الحركات السلفية والمتطرفة في منطقة الشرق الأوسط إلى فترة طويلة يمكن تقسيم أفكارها وخطابها إلى أربعة فترات إذ ظهرت أول أمرها بظهور ابن تيمية، ثم فترة الوهابية ثم المرحلة الثالثة التي تجلت في حركة طالبان والقاعدة وأما المرحلة الأخيرة فهي تيار الخلافة الذي ينتهج أسلوبا مختلفا فكريا وعمليا عن أسلافه ويمكن القول بأنه استطاع مواجهة العالم الحديث بالآليات التي وفرها له هذا العالم.
إذ اثبت بانه وطوال السنوات الخمسة المنصرمة قادر على اختراق الحدود في إقامة العلاقات والتجنيد من خلال الضغط على زر واحد، وهذا هو نتيجة عولمة العلاقات في إطار الاقتصاد الدولي. ونتيجة ما وفرته لهم الشبكة العنكبوتية من إمكانيات جعلت مطاردتهم من قبيل المستحيل.
بالنظر إلى أسباب ظهور التطرف في شرق الأوسط يظهر أمامنا تصريح خطير للرئيس الأمريكي ترامب إذ اعترف ان داعش صناعة اوباما وهيلاري كلينتون.، لكن هذا القول وان يأتي في إطار الحملة الانتخابية، لكنه لم يلق الضوء على كل القضية بل علينا النظر إلى التطورات الإقليمية، وتاريخ تكوين الدول فيها إذ جاءت نتيجة الاستعمار، وسقوط الإمبراطورية العثمانية التي قضت على الخلافة الإسلامية نهائيا، وهذا ما خلق فجوة في الفكر الإسلامي السني بشكل عام، ولم يتم معالجة الأمر حتى يومنا هذا رغم مرور ما يقارب قرن على سقوط الخلافة، ثم جاءت سيطرة الاستبداد على مقاليد الأمور في الدول العربية وإخفاق الشعب في نوال مراميه وهذا ما أدى إلى إخفاق عملية التطور والتقدم والنتيجة ظهور العنف في أسوا أشكاله.
إذن نحن أمام إشكالية الحركات المتطرفة في الشرق الأوسط يتطلب التعامل معها عدة حلول منها سياسية ومنها اجتماعية واقصد إجراء المفاوضات والتوسط وفرض العقوبات وحتى اللجوء إلى الحرب في الجانب السياسي.
وفي الجانب الاجتماعي نحن بحاجة إلى البحث عن أسس التطرف منها الفقر الاجتماعي والضعف الحكومي والعنف والتمييز بكافة أنواعه، في الحقيقة أننا نعيش في عالم تسوده اللامساواة والغضب، إذ تخرج الحركات المتطرفة من جوفها؛ أخيرا يمكن حلحلة مثل هذه القضايا بحلول مؤقتة مثل قمعها، لكنه لن يعد هذا الحل الجذري وعلى الحكومات والشعوب التفكير جديا في البحث عن الحلول الحقيقة.
إذ برهن التاريخ لنا بأن الحركات المتطرفة لا تنتهي ولا تندثر نهائيا بل أنها تختفي في خبايا المجتمع وتتكيف مع الوسط الذي تعيش فيه ثم تخرج إلى العلن كلما وجدت الفرصة سانحة لذلك.