نص الحديث
قال الامام الكاظم (عليه السلام): ان الزرع ينبت في السهل ولا ينبت في الصفا فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع، ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يتناول ظاهرة (الحكمة) واهمية توفرها في الشخصية، حيث ليس ثمة استعداد مطلق لتقبل الاذهان لها الا من يتواضع لله تعالي، ولا يانف من التعلم، وهذا امر طالما نلحظه في تعاملنا مع الناس، حيث نجد من يتقبل مثلاً: نصيحة الاخر، ونجد من ياخذه الغرور او التكبر فيابي للاستماع الي النصيحة والمهم هو: ان ظاهرة تقبل الحكمة وعدمه، تظل من الاهمية بمكان كبير: لو اتيح للشخص بان يتاملها من حيث انعكاساتها علي حياته من جانب، وانعكاساتها - وهذا هو الاهم - علي حياته الاخروية من الجانب الاخر، حيث يتسبب رفض الشخص للنصيحة او الحكمة خساراً اخروياً كما هو واضح: كما لو اصر علي ارتكاب المعصية مثلاً دون ان يتوب عن ذلك، والعكس هو الصحيح ايضاً.
بلاغة الحديث
والان بعد ان لاحظنا اهمية تقبل الحكمة وانعكاساتها الدنيوية والاخروية يعنينا ان نتجة الي بلاغة الحديث المتقدم حيث قدم الامام الكاظم (عليه السلام) تشبيها فائقا وملفتا للنظر الا وهو: مماثلة تقبل الحكمة وعدمها للزرع حيث ان الزرع ينبت في الاراضي اللينة او السهلة، ولا يمكن بان نتصور قابلية ذلك في الصخور اي: الارض الصخرية واهمية هذا التشبيه هي: انه يقدم لنا صورة مالوفة في خبر اتنا جميعاً، ويقدم - في الان ذاته - تجانساً كبيراً بين بين طرفي التشبيه، حيث ان انتخاب الارض السهلة والصخرية وهما متضادتان، تتماثلان مع التقبل والرفض للشيء وهما متضادان ايضاً، ولكن الاهم من ذلك هو: انتخاب الزرع ونحوه تجسيداً لمفهوم الحكمة من حيث تقبلها وعدمه. كيف ذلك؟
الجواب: ان عملية نمو النبات لها اهمية كبيرة في اعطاء الثمر للعملية المذكورة اي: النمو، وكذلك الحكمة، فان الحكمة لاتتاتي فجاة بل تتاتي من التجارب المتنوعة في حياة الانسان، ولذلك جاء في احد تقريرات الامام (عليه السلام) بالنسبة الي اثر البيئة في نمو العقل الانساني بانها - اي التجارب - تسهم بنمو كبير في تحقيق ذلك، وهذا مالاحظه الامام الكاظم (عليه السلام) في تقريره الذاهب الي الحكمة وصلتها بالنمو، اي: ان الحكمة تحتاج الي عملية نمو وليس مجرد حضور ذهني، وهذا ما جسده (عليه السلام) في تقريره الي ان الحكمة تعمر في قلب المتواضع وليس في قلب المتكبر والمعاند.