نص الحديث
قال الامام عليّ (عليه السلام): أمسك عن طريق اذا خفت ضلاله.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الي ما هو (شبهة) من السلوك، اي: الي ما لا يعرف حلاله عن حرامه في ميدان العمل الاقتصادي او الشعائري او الاجتماعي أو اية حركة من السلوك اللفظي والجسدي ولذلك ورد في الحديث ما مؤداه: بان في الحلال او المباح (شبهات) تتطلب العتاب أو المساءلة.
ان (الاحتياط) هو سبيل النجاة: كما وردت الاحاديث الشرعية بذلك وهذا يقتادنا الي ان نتبيّن بدقة موارد (الاحتمال)، اي: حتي لو احتملنا امكانية ان يكون في هذا السلوك او ذاك ما هو (شبهة)، فان الاحتياط يقتضي تجنب ذلك حتي لا نسمح لانفسنا بان نعاتب علي ذلك، او نحتمل عدم رضاه تعالي. وهذا هو دلالة الحديث ولكن ماذا عن بلاغته؟
بلاغة الحديث
تتجسد بلاغة الحديث المتقدم بكونه حديثاً يتوكأ علي (الرمز)، والرمز هو: ما يرشح بعدة معان أو بمعنيً خاص غير مباشر، كما لو رمزت بكلمة (النور) الي (الايمان) مثلاً او الي الايمان والخير والرحمة.
المهم ان الحديث المذكور قد انتخب رمزاً هو (الطريق)، وجعله يرمز الي الماشي، حيث ان الماشي في طريقه الي المكان المقصود يعنيه الي ان يصل الي مكانه بسلامة وبدون مشقة، فاذا احتمل ان في هذا الطريق شوكاً يدميه، او لصّاً يسرق متاعه، أو حيوانا يفترسه، أو عدوّا يكن له ويتربص به السوء، أو - كما ورد في الحديث نفسه - خاف ان يتيه في الطريق حيث لا يعرف تماماً حدوده ودروبه وشوارع ومساكنه الخ، حينئذ سيتيه ويضل طريقه فيتعرض - لا اقل - الي الحيرة والازمات النفسية والتوتر والقلق.
اذن امكننا ان نتبين بوضوح مدي ما حملته عبارة الامام علي (عليه السلام) من بلاغة فائقه وهو (عليه السلام) إمام البلاغة بطبيعة الحال.