البث المباشر

الشباب والقيــم المعنويــّـة

الإثنين 28 أكتوبر 2019 - 09:47 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نبض الحياة: الحلقة 11

أحبّتنا المستمعين ، سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات !
ها نحن ذا نلتقيكم من جديدة عبر حلقة أخري من برنامجكم نبض الحياة والتي سيدور الحديث فيها حول العلاقة بين الشباب والقيم الروحيّة والمعنويّة ، ندعوكم للمتابعة ....
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
تزداد حاجة الشباب إلي القيم الروحية والمعنوية والدين في هذا العالم الحافل بالاضطرابات والذي تزداد فيه يوماً بعد آخر تعقيداتُ الحياة ومصاعبها . وهي حاجة إن وجدت الجوابَ المنطقي والصحيح لها ، فإنها سوف توصل الشابَ إلي قمم الكمال والسعادة ، بحيث إننا نشهد اليوم الكثير من المشاكل والنواقص التي تعاني منها الأسر وخاصة الجيل الشاب بسبب الابتعاد عنها وإهمالها .
يقول سماحة قائد الثورة الإسلامية السيّد الخامنئي ( حفظه الله ورعاه ) في هذا الصدد :
إن سبب ما نراه من تذمّر الأجيال الشابة و شعورها بالإحباط في الكثير من البلدان و النسب المرتفعة للانتحار و تفكك الأسر وتشتتها و ابتلاء الشباب بالتشرّد ، هو ضعف الأجواء المعنوية والروحية التي يعيشونها والتي تبلغ من الأهمية حداً بحيث تعتبر غذاء بل تغذية روحية للبشر .
ولذلك ، فإن استعداد الشباب لتلقي القيم المعنوية في هذه المرحلة من العمر تفوق المراحل العمرية الأخري . وهو الاستعداد الذي يجب أن نبحث عن سرّه في فطرة الشباب النقيّة .
وقد اعتبر مؤخّراً فريقُ من خبراء منظمة اليونسكو والذين يعملون علي وضع خطة حديثة للتربية والتعليم في القرن القادم ، أن أكبر مشكلة تواجه الجيل الشاب المعاصر هي أن الشباب يعانون من الشعور بالضياع والفرغ والخواء من الداخل . والحل الذي يقدّمه خبراء هذه المنظّمة هو إعادة تفعيل القيم الأخلاقية في حياة الجيل الشاب . ويمكن القول بالتالي إن من أهم قضايا الشباب ، الالتفاتَ إلي القيم الأخلاقية و الاهتمام بالأمور المعنوية في الحقيقة . واهتمام الشباب بالقيم المعنوية وتوظيف الاتجاه الديني ، قد يزيلان أحياناً الكثير من المشاكل والخوف من المستقبل . والشخص الذي يولي الأهمية للإيمان والقيم المعنوية في الحياة ، يتمتع بخلفية قويّة تعينه علي اجتياز طريق الحياة المليء بالمنعطفات .
إخوتنا ، أخواتنا المستمعين والمستمعات !
وفي الحقيقة فإن القدرة الجسمية والفكرية للشاب والاستعداد ودافعه العجيب إلي بناء مستقبل واضح ، بحاجة إلي زاد نفيس كي يوصله إلي المقصد وهذا الزاد ماهو إلا القيم المعنوية التي تتحصل من خلال الأنس بالله وتنفيذ أوامره . ولذلك ، فإن الاهتمام بتنمية القيم الروحية والمعنوية والالتفات إلي الأمور المعنوية من شأنهما أن يوصلا الشاب إلي السعادة والهناء . والنزعة إلي المعنوية هي صفة تزين الشباب واليافعين ، والجيلُ الشاب في كل عصر يعمل علي أن يصلح الدنيا وينشـــــر العــدالــــــــة .
وتعتبر العبادة من جملة العوامل المهمة لنمو الإنسان الروحي والمعنوي . والعبادة وذكر الله ممارستان تشيعان الاطمئنان في القلوب و تقيمان علاقة الإنسان مع خالقه والتي من شأنها أن ترسّخ وتعزّز القيم المعنوية فيه . والعبادة لا يمكن أن تكون جميلة إلّا إذا أقام الإنسان علاقة خالصة وعميقة مع ربّ الكون ؛ أي الكمال اللانهائي ومصدر الوجود ، ويتحدّث معه من دون أي حجاب .
وهذه النعمة القيّمة ينعم بها الله علي عباده و خاصة الشباب منهم . فالعبادة هي سبيل بلوغ الكمال . والشخص الذي يمضي في هذا الطريق في شبابه ، بإمكانه أن يصل إلي مراحل كماله بشكل أسهل وأكثر خلوصاً .
ولأن الشباب يتمتعون بروح طاهرة وخالصة ، فإنهم حينما يمضون في طريق الارتباط بالمعبود فإن الله سيفخر بوجودهم ويعينهم . يقول النبي الأعظم (ص) :
" إن الله تعالى يباهي بالشاب العابد الملائكة، يقول: انظروا إلى عبدي ! ترك شهوته من أجلي .
ويقول (ص) في حديث آخر :
" إن اللَّه يحب الشاب التائب الذي يُفني شبابه في طاعة اللَّه .
أعزّتنا المستمعين !
وقد دعا الإمام الخميني (رض) مؤسس الثورة الإسلاميّة ، الشباب إلي تربية النفس وتهذيبها قائلاً :
عليكم أيها الشباب أن تبدؤوا اعتباراً من الآن بالجهاد الأكبر وبناء الذات وأن لا تضيّعوا فرصة شبابكم . لاتدعوا زمان الشباب يفوتكم في إصلاح أنفسكم . فالإنسان ما دام يتمتع بقواه الجسمية ، و مادام يمتلك روح الشباب اللطيفة ، ومادامت جذور الفساد قليلة فيه ، فإن بإمكانه أن يصلح نفسه . وأنتم أيها الشباب باستطاعتكم أن تزكّوا النفس بشكل أفضل ، فأنتم أقرب إلي الملكوت .
ويعتبر الشاب المزوّدُ بالقيم المعنوية سلامةَ النفس والابتعاد عن الانحراف أساساً مهماً في حياته ويسعي لأن يشبع غرائزه بشكل صحيح آخذاً التعاليم الدينية بعين الاعتبار . وبذلك فإنه سيبتعد عن المفاسد و الانحرافات والعلاقات التي تسبب فساده . فهو لا يشغل نفسه بالانغماس في الحياة اليومية و يري أن السبيل الوحيد للأمن من الآفات الجنسية هو التعفف والزواج من بعده . ولذلك يمكن القول إن من الآثار الرئيسة للجانب المعنوي والروحي للشاب ، السعي من أجل تكوين الحياة وبنائها . وفي هذه الحالة يكون الشاب المهتم بالجانب المعنوي من شخصيّته قد تلافي شعوره بالوحدة و عدم الشعور بالمسؤولية ليمضي باتجاه بلوغ الكمال بكل ثقة واطمئنان .
ويري بعض علماء النفس أن الإعلام السلبي ضد القيم المعنويّة ، ولا يتلاءم مع روح التساؤل ونزعة الشاب الداخلية إلي الطهر والفضيلة ولذلك فإن المعنوية والدين لا يكبّلان الشاب بالقيود بل يبعثان في نفسه نوعاً من الأمان والاطمئنان . وعلي حد قول الإمام علي (ع) فإن " الدين يعصم .
ونحن نري في هذا المجال أن الإحصائيات تفيد بانخفاض نسبة الجرائم سنوياً بين الشباب في شهر رمضان المبارك بشكل ملفت للنظر . و يجب أن نتتبع جذور هذا الإصلاح الاجتماعي في نزعة أفراد المجتمع إلي القيم المعنوية و هيمنتها علي المجتمع . وهذا الحل المعنوي الكبير يمكن أن يسهم في حل معضلات المجتمع الإسلامي والمجتمع البشري الأخري ؛ بحيث نكافح من خلال ذلك الجرائم والمفاسد والقبائح عبر البيان الصحيح للقضايا الدينية و نشرها .
وذكر الله والسعي من أجل التقرّب منه ، يمثّلان البرنامج الذي يستحوذ علي اهتمام الشباب . فالشاب الذي ذاق اللذة المعنوية ، ليس مستعداً لاستبدالها باللذائذ العابرة من مثل الميل إلي المخدّرات و أساليب الترفيه غير النزيهة و الآفات الأخري التي تقف في طريق الشباب المعاصرين في المجتمعات الصناعيّة .
مستمعينا الأفاضل !
كلّ شكرنا وتقديرنا نقدّمه لكم علي حسن متابعتكم ، وعلي أمل أن نعاود اللقاء بكم عند محطة أخري من برنامجكم نبض الحياة نترككم في أمان الله وحفظه ، وإلي الملتقي .

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة