هناك من يصدر أحكاما جزافا ويتعامل مع الحسين ـ عليه السَّلام ـ كتعامله مع فرد عادي لا كما يراه أصحاب العقل والبصيرة بأنه امام معصوم واجب الطاعة من قبل المسلمين وانه سبط الرسول وسيد شباب أهل الجنة واحد اصحاب الكساء الخمسة وسفينة النجاة وو!
انطلق الحسين ـ عليه السَّلام ـ بحركته الاصلاحية الكبرى وهو مدرك تماما بصوابه وتحركه التغييري لواقع مر فرضته السلطة الاموية وما آلت اليه بتنصيب يزيد خليفة للمسلمين ! في وقت اتخذ فيه الاصحاب موقفا متفرجا ماعدا ثلة من المعارضين قولا وليس عملا !
لم يكتفي البعض ممن يحملون النظرة الضيقة باتهام الامام التفرد بالقرار واعتراضهم على خروج الامام من المدينة المنورة الى مكة المكرمة ومنها الى العراق فقط، وانما ذهبوا الى أكثر من ذلك حينما الصقوا به تهما عدة منها سعيه لطلب السلطة والخروج عن المألوف وشق عصى المسلمين وما شابه ذلك من الترهات والاقاويل الهزيلة!!
المتابع لحركة الامام السبط يستطيع أن يستشف من خلال أحاديثه قبل خروحه من مدينة جده واثناء مسيره وعند مواجهته العدو يستنتح بان الامام الحسين ـ عليه السَّلام ـ على بصيرة تامة من أمره .. تلك البصيرة الالهية الثاقبة لم يدرك معانيها كبار الاصحاب الذين اعترضوا على خروجه !
قول الامام المشهور والذي تناقلته جل الكتب المعتبرة (إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولكن خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي رسول الله..) هذا الحديث يتطابق مع حديث جده الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله ( حسين مني وانا من حسين) ! هذا الارتباط الوثيق الذي لن ينفك بين الرسالتين هو قائم الى يوم الدين..!
ولا يفهم سر هذا الارتباط الالهي التشريعي الا من أخلص لله واتبع الحق الذي تجسد في عترة رسوله الاعظم من بعده وهم أمير المؤمنين علي وفاطمة الزهراء والحسن والحسين ! والا يبقى الانسان المسلم يدور في حلقة فارغة ودائرة ضيقة لاتتسع الا لقدر محدود من حركته التكاملية نحو الله تعالى ..!
اذن مسألة الارتباط بالحسين ومعرفة سر حركته ولو بالممكن الميسر ليس بالامر اليسير لمن اختلط عليه الامر أو الذي اتخذ موقفا محايدا او الذي خالف الحق المتمثل به واتبع النهج الاموي الذي بني أساسا على الخدع والتضليل والضحك على عقول المسلمين...!
ونحن نعتقد جزما بانه لولا حركة السبط الشهيد صلوات ربي عليه لما بقي للاسلام اسم ولا رسم ولأضحت الشريعة المقدسة في مهب الريح ! لانها انطلقت لله وفي الله وفي سبيل الله مثلت كل الملل والنحل واشترك فيها الرجال من الشيوخ والشباب والاطفال حتى الرضع والنساء بمختلف الطبقات وضربت المثل الاعلى في الصمود والتضحية والفداء فكتب الله لها الخلود.."
طارق الخزاعي
المصدر : اذاعة طهران العربية