والصلاة والسلام على محمد وعلى آله الطيبين الاطهار(ع) ... أهلاً وسهلاً بكم مستمعيناً الاعزاء في الحلقة الاولى من هذا البرنامج ... الذي سنعرض فيه بعض المواقف المشرقة او الالتفاتات المعبرة من سيرة العلماء الابرار والصالحين الاخيار ...
الذين كرسوا حياتهم في خدمة الدين الحنيف وجسدوا تعاليمه في سلوكهم العملي فخدموا البلاد والعباد واطاعوا الله ورسوله....نأمل ان تقضوا معه وقتاً طيباً ومفيداً...
لقد تميز العلماء المتقون بالورع والاحتياط الشديد حتى في المباحات ومن اولئك الابرار المرحوم آية الله العظمى الشيخ محمد حسن الكاظمي(رض) الذي كان في زمانه المرجع الاول للمسلمين أجل وكانت ترد اليه الاموال من مختلف البلدان الاسلامية فيقسمها على الطلاب والمستحقين ولا يدخر منها لأهله قليلاً او كثيراً ولا يستأثر عن اصغر طالب برغيف، ونذكر للمستمع الكريم ـ هذه الوراعة التي تشير بوضوح الى مدى الورع والاحتياط الذي وصل اليه ذلك العالم الرباني وهي كالتالي صادف ان ذهب يوماً مع مجموعة من تلاميذه الى مدينة كربلاء المقدسة لزيارة الامام الحسين(ع) وما وصلها الا بعد ان لقي من سفره التعب الشديد وقبل ان يأخذ نصيبه من الراحة قصد الضريح الشريف فقام بآداب الزيارة وادى الفريضة وكان قد بلغ الجوع منه مبلغه ...
فطلب الطعام فقدم اليه خبز وكباب حار شهي ولما تناول لقمة منه ووجده لذيذاً وشعر من نفسه القبول والرغبة رفع يده عنه سائلاً عن ثمنه فلما اجيب وعرف ان ثمن غدائه يعادل اجر عامل صغير يعمل طول النهار كله في حرارة الصيف وصبارة الشتاء لقاء اجر ينفقه على عائلته يوماً وليلة صاح قائلاً: "خذوه عني فلست بآكل"، في وجبة واحدة طعاماً يشرى باجر عامل يعمل جاهداً النهار كله ... نعم ـ مستمعينا الافاضل ـ هذا هو العالم الحق والمرجع المتخرج من مدينة العلم والدين من جامعة قال مؤسسها ولو شئت لاهتديت الطريق الى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح، ولكن هيهات ان يغلبني هواي ويقودني جشعي الى تخير الاطعمة، ولعل في اليمامة من لا عهد له بالشبع ولا طمع له بالقرض ... وقد تمثل الامام علي(ع) بقول القائل:
وحسبك داءٌ ان تبيتَ ببطنةٍ
وحولكَ أكبادٌ تحنُّ الى القدِّ
والآن ننتقل الى عالم رباني آخر هو المرجع الاعلى السيد البروجردي "قدس" لقد ذكر الشيخ الموحدي ان السيد رحمه الله كان بسبب كثرة اشتغاله في تصديه للمرجعية وادارة شؤون الامة يتأخر احياناً دقائق عن موعد الدرس ... حيث كان الطلبة العلماء ينتظرونه لالقاء دروسه في الفقه الاسلامي الاستدلالي المعروف في الحوزات العلمية بـ "بحث الخارج" ...
وفي مرة من المرات زاد تأخره بدقائق اكثر مما كان يتأخر عادة، فلما وصل السيد البروجردي(رض) اعترض عليه احد الطلبة من العلماء بلطف وقال له: ان اوقات الطلبة تضيع هكذا، فأجابه السيد "قدس": لماذا تضيعون اوقاتكم انا حفظت اثني عشر جزءاً من القرآن الكريم في اوقات الانتظار، انتم كذلك لا تجلسوا عاطلين بل استفيدوا من دقائق الانتظار لحفظ الآيات القرآنية.
سبحان الله .. يا لها من التفاتة رائعة من قبل هذا العالم الرباني ...
اجل ومن روائع اقوال الامام علي(ع) بهذه المناسبة ان اوقاتك اجزاء عمرك فلا تنفد لك وقتاً الا فيما ينجيك.
وفي الختام ـ مستمعينا الاعزاء ـ نشكركم على حسن المتابعة ... وحتى اللقاء القادم ومع عالم آخر من علمائنا الابرار نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.