بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله عليكم مستمعينا الأحبة ورحمة الله وبركاته، أزكى تحية هي تحية الأمن والإيمان نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج ... نستهدي في هذا اللقاء بطائفة من النصوص الشريفة المبينة لبركات خلق آخر من أطيب الأخلاق الفاضلة، انه خلق (الصبر الجميل)...
وهذا الخلق أسمى مراتب خلق الصبر الموصوف بأنه رأس الايمان أوشطره، فما الذي يميز (الصبر الجميل) عن مطلق الصبر؟ لمعرفة الجواب تابعونا مشكورين:
أيها الأحبة مدح الله عزوجل خلق الصبر الجميل حيث ذكره على لسان أحد أنبيائه المكرمين هو يعقوب –على نبينا وآله وعليه أفضل السلام-، فقد حكى القرآن الكريم قوله في الآية (۸۳) من سورة يوسف حيث قال:
" قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ{۸۳}" (سورة يوسف)
وقد تخلق هذا النبي الكريم –عليه السلام- بهذا الخلق الجميل بعد تنبيه الهي لطيف ورؤوف يحدثنا عنه مولانا الامام الباقر –عليه السلام- وقد سئله جابر الجعفي –رضوان الله عليه- عن معنى الصبر الجميل فعرفه بأحد مصاديقه ونقل له تأديب الله نبيه الصابر يعقوب –عليه السلام- بهذا الخلق الكريم، تأتيكم الرواية بعد قليل فأبقوا معنا:
روى الشيخ الجليل محمد بن همام الإسكافي المعاصر للشيخ الكليني رضوان الله عليهما في كتابه القيم (التمحيص) قال:
"عن جابر قال: قلت لأبي جعفر الباقر –عليه السلام-: ما الصبر الجميل؟ قال: ذلك صبرٌ ليس فيه شكوى الى أحد من الناس"
ثم قال –عليه السلام- حاكياً ما جرى مع هذا النبي وجعله يتحلى بهذا الصبر الجميل:
"ان ابراهيم –عليه السلام- بعث يعقوب الى راهب من الرهبان... في حاجه، فلما رآه الراهب حسبه ابراهيم فوثب اليه فأعتنقه، ثم قال له: مرحباً بخليل الرحمان، فقال له يعقوب: إني لست بخليل الرحمان، ولكني يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم، قال له الراهب: فما الذي بلغ بك ما أرى من الكبر؟
قال يعقوب: الهم والحزن والسقم.
ثم قال الباقر –عليه السلام-: فما جاز يعقوب عتبة الباب حتى أوحى الله اليه: يا يعقوب شكوتنى الى العباد؟ فخر –عليه السلام- عند عتبة الباب يقول: رب لا أعود، فأوحى الله اليه: اني قد غفرت لك فلا تعد الى مثلها.
قال الباقر –عليه السلام-: فما شكا يعقوب –عليه السلام- شيئاً من نوائب الدنيا الا أنه قال يوماً "قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ". (سورة يوسف۸٦).
أيها الأحبة أما (الصبر الأجمل) فهو الذي يتجلى في قول مولاتنا زينب الكبرى –عليه السلام- في مواجهة شماتة عبيدالله بن زياد وقد سألها: كيف رأيت صنع الله بأخيك فقالت –عليها السلام-: ما رأيت الا جميلاً، وهذه أجمل مراتب التوحيد وأزكاها.
وبهذه الملاحظه نختم لقاء اليوم من برنامج معالي الأخلاق، شكراً لكم وفي امان الله.