البث المباشر

سرّ إهداء الصلوات على مولانا المهدي(عج) بمقدار مداد كلماته

السبت 5 أكتوبر 2019 - 08:46 بتوقيت طهران
سرّ إهداء الصلوات على مولانا المهدي(عج) بمقدار مداد كلماته

اذاعة طهران – عهد الصادقين : الحلقة : 12

 

لانزال مع دعاء العهد، وهو الدعاء الذي يقرأ كل صباح، بخاصة اربعين صباحاً في ندب شخصية العصر الامام المهدي(ع)،.. حيث جاء فيه (اللهم بلغ مولانا الامام الهادي المهدي(ع)) الى ان يقول (من الصلوات زنة عرش الله، ومداد كلماته، وما احصاه كتابه، وما احاط به علمه...) هذا المقطع من الدعاء حدثناك عنه في لقاء سابق، ووقفنا عند عبارة (زنة عرش الله) حيث قلنا: ان الهدف من تبليغ سلامنا الى الامام الغائب(ع)، وتبليغ الصلوات التي لاتحصى اليه، هو: التعبير عن اشد الحالات الوجدانية لدينا، حيث ان التعبير عن المقدار او الحجم لايمكن تحديده برقم خاص، بل ان ذلك مما تضطلع به العبارات الفنية او التصورية او البلاغية التي تدع خيال القارئ للدعاء متداعياً الى ما هو عال وغزير من الصلوات، وهو ما اضطلعت به عبارات من نحو (زنة عرش الله) (مداد كلماته) (ما احصاه كتابه) (ما احاط به علمه) .. وقد قلنا في حينه ان كل واحدة من هذه العبارات موظفة للتعبير عن حجم او رقم من عدد الصلوات،.. وقلنا ايضاً: ان قول الامام الصادق(ع): (زنة عرش الله) انما عبر به ليس عن العدد الاحصائي بل عن البعد المعنوي للرقم، اي: الدلالة التي تعنيها صلوات الله تعالى على الامام المهدي(ع)، بصفة ان عرش الله تعالى من العظمة والسعة بحيث تظل الصلوات العميقة المنبعثة من حرارة وجداننا متناسبة مع الظاهرة المذكورة..
وحين نتجه الى العبارة الثانية وهي (مداد كلماته) نجد ان هذه العبارة تتحدث عن البعد المعنوي ايضاً، ولكنها تنهض بدلالة اخرى.. فما هي هذه الدلالة؟
انك ولاشك مستمعي الكريم مدعو الى التأمل لهذا الموضوع مادام الامام الصادق عليه السلام نسج لك هذا الدعاء لتتجاوب مع دلالته، فيتعين عليك ادراكها.. ولهذا نتساءل من جديد: ماذا تعني هذه العبارة؟..
ان كلمات الله تعالى رمز كما هو واضح لكل عطاءاته العظيمة، ولكل نعمة التي لاتحصى،.. وهذا يعني ان (الصلوات) على الامام(ع) هي بقدر عطاءاته ونعمه الله تعالى، ومعلوم ان عطاءه ونعمه هي: دلالات ومضمونات ومحتويات جمة، بالاضافة الى عددها او حجمها الكبير.. فاذا كانت عبارة (زنة عرش الله تعالى) تعني: ان الصلوات عليه من حيث الجوهر لها ثقلها ووزنها الموازي لزنة عرش الله تعالى، فان عبارة (مداد كلماته) تعني: عطاءاته العظيمة التي لاامكانية الى تصور نفادها، وذلك بدليل ان القرآن الكريم نفسه عندما يشير الى مداد كلمات الله تعالى: نجده حيناً يقدم لنا صورة فنية هي ما نسميها بصورة الفرض حيث يقول مثلاً: (لو كان البحر مداداً لكلمات ربي، لما نفدت..) وكذلك حينما يقول: (ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام، والبحر يمده من بعده سبعة ابحر، ما نفدت كلمات الله ان الله عزيز حكيم) اذن لاامكانية بالنسبة الى نهاية لعطاءات الله تعالى، واذن ان الصلوات المرسلة على الامام(ع) لا امكانية الى نهايتها: انها عواطفنا التي لانهاية لها حيال الامام المهدي(ع)..
ونتجه بعد ذلك الى العبارتين الاخيريتين من هذا المقطع من الدعاء وهما: الصلوات المرسلة بقدر ما احصاه كتابه وما احاط به عمله.. هنا: نحسبك ستتساءل قائلاً: اذا كانت عبارة (زنة عرش الله تعالى ترمز الى وزن الصلوات وعمقها ودلالتها الجوهرية).. واذا كانت عبارة (مداد كلماته) ترمز الى ذلك ايضاً، والى جديد هو: حجم الصلوات وعددها الممكن احصاؤه.. فهل ان العبارة الثالثة وهي (ما احصاه كتابه) تشير او ترمز الى العدد وحده؟.. واذا كان الامر كذلك فهل ان العبارة الاخيرة وهي (وما احاط به علمه) ترمز الى معنى رابع جديد؟.. وسنجيبك بالايجاب، ونقول: ان الامام الصادق عليه السلام (وهو البليغ الذي لاينسج كلاما مكرراً لا ضرورة له) يرمز فعلاً بعبارته الاخيرة الى معنى يختلف عن سابقه: كما لاحظنا الدلالات المتنوعة التي اضطلعت العبارات المتقدمة بها، وهو امر سنحدثك مفصلاً عنه انشاء الله تعالى، في لقاء لاحق.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة