البث المباشر

فاطمة عليها السلام والاشتقاق من الاسماء الالهية

الأحد 29 سبتمبر 2019 - 15:21 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - فاطمه في القرآن والسنة: الحلقة 27

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله على جميع الائِه، وازكى الصّلاةِ والسّلام على اشرفِ انبيائِه، المصطفى وعلى الِهِ الطيبينَ اوصيائِه. اخوتنا المؤمنين الاكارم، السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته، واهلا بكم في عودةٍ الى قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"(المائدة:۳٥)، حيث نتقصّى معا ايها الاخوةُ الاعزّة ما يشير الى احدى فضائل اهل البيت عليهم السلام، ومنهم مولاتُنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها. وقبل كلِّ شيء، دعُونا هنا ننظر الى ماذا يا ترى دعتنا هذه الاية المباركة وقد تقدّمت بالنداء الالهيّ المشرّف: "يا ايها الّذين امنوا"؟ بعد التامّل فيها ايها الاخوة نجِدُها قد دَعَتنا بعد التقوى الى امرين: الاوّل: الا نبتغي الى الله تبارك وتعالى الا بوسيلة، والثاني: ان لا نتّخذ اليه ايَّ وسيلة الا الوسيلةَ التي يريدها هو جلّ وعلا، هيَ بعينها، لا الّتي نتخيلها او نهواها او نقترحها، اذ العبادة المحضة هي الطاعة المطلقة، لا التخيرُ المزاجيّ، وقد قال تعالى في محكم تنزيله: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً"(الاحزاب:۳٦)، وسُبُلُ الضّلال ايها الاخوةُ كثيرة، ومنها عدمُ الابتغاء الى الله عزّوجلّ، او الابتغاءُ اليه بلا وسيلة، او بوسيلةٍ لا يرتضيها اللهُ تعالى ولا يقبلها. وهنا تحتّم علينا حقّا ان نتعرّف اذن على الوسيلةِ التي امَر اللهُ سبحانه ان نبتغي اليه بها، فما هي يا ترى؟! الى ذلك بعد هذه الوقفة القصيرة.
الوسيلةُ ايها الاخوةُ الاحبّة على معنى من معانيها، هي القُربةُ بالطاعات، واعظمُ الطاعات هو، ولاءُ محمّدٍ والِ محمّد صلواتُ الله عليه وعليهم، وكذا اتّباعُهم، لانّهم هُم الذين جعَلَهم اللهُ الصراطَ الاقوم، والسبيلَ الاعظم، والوسيلةَ اليه، وقد عصمهم، واذهَبَ عنهُم الرجسَ وطهّرهم تطهيرا، واجرى عن طريقهم احكامَه ومعارفَه للناس، فاليهم ينبغي القصد، ومنهم يؤخَذ الدين، وعنهم ينقَل الحقّ، ومنهم يسمع. ورَحِم اللهُ الشاعرحيث يقول:
اليهم، والا لا تُشَدُّ الركائبُ ومنهُم، والا لاتصحُّ المواهبُ
وفيهم، والا فالحديثُ مزخرفٌ وعنهُم، والا فالمحدّثُ كاذبُ
وفي دعاء الندبة الشريف نقرأ مخاطبينَ ربَّ العزّة سبحانه وتعالى: وقلت: "ما اسالُكم عليه من اجرٍ الا من شاءَ ان يتّخذَ الى ربّهِ سبيلا فكانوا هُمُ السَّبيلَ اليك، والمَسلَك الى رضوانِك". ويؤيد هذا المعنى الحافظ ابونعيم الاصفهانيّ وهومن كبارمحدّثي علماء السنّة، حيث يقول في باب (ما نزل في علي من القران) في ظلّ آية الوسيلة: انّ المقصود من (الوسيلة) هُم اولادُ الرسول الاكرم صلّى الله عليه واله وسلّم. ولا شك ايها الاخوةُ الافاضل انّ اخصّ ابناء النبيّ صلى الله عليه واله ومن امتدّ نسلَهُ منه، هو ابنتُه الصدّيقةُ الكبرى فاطمة الزهراء صلواتُ الله عليه، وهي الوسيلةُ الى اللهِ تُبتغى، كما يبتغى ابوها المصطفى، زوجها المرتضى، وابناؤها الائمةُ اعلامُ الهدى.
اخوتنا الاعزّةَ الاحبّة، انّ المصاديقَ على انّ النبيّ واله صلواتُ الله عليه وعليهم هُم الوسيلةُ الى الله تعالى، كثيرةٌ جدّاً، جاءت بها كتبُ المسلمين على اختلاف مذاهبهم، ومن امثلة ذلك ما جاء في كتاب (ينابيع المودّة لذوي القربى) تأليف الشيخ سليمانِ القُندوزيِّ الحنفيّ، وكتاب (فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين) للشيخ ابراهيم الحموينيّ الجوينيّ الشافعيّ، وكتاب (تاويل الايات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة) للاسترابادي النجفيّ، وغيرها، انّ رسول الله صلّى الله عليه واله قال: "يا عبادَ الله، انّ ادمَ لمّا رأى النورَ ساطعا في صُلبِه؛ اذ كان اللهُ قد نقلَ اشباحَنا من ذروة العرش الى ظهره، رأى النورَ ولم يتبينِ الاشباح، فقال: ياربّ، ما هذه الانوار؟! قال اللهُ عزّوجلّ: انوار ُاشباحٍ نقلتُهم من اشرفِ بقاع عرشي الى ظهرك، ولذلك امرتُ الملائكةَ بالسجود لك، اذ كنتَ وعاءً لتلك الاشباح. فقال ادم: يا ربّ، لو بينتها لي، فقال اللهُ عزّوجلّ: انظر يا ادمُ الى ذروة العرش. فنظر ادمُ ووقع نورُ اشباحنا من ظَهر عليه السلام على ذروة العرش، فانطبع فيه صورُ انوار اشباحنا، فرأى اشباحنا، فقال: ياربّ، ما هذه الاشباح؟ قال اللهُ تعالى: يا ادم، هذه اشباحُ افضلِ خلائقي وبرياتي، هذا محمّدٌ وانا المحمودُ الحميدُ في افعالي، شققتُ له اسما من اسمي، وهذا عليُّ وأنا العلي العظيم، شققت له اسماً من اسمي، وهذه فاطمة، وانا فاطرُ السماواتِ والارض، فاطمُ اعدائي عن رحمتي يومَ فصلِ قضائي، وفاطمُ اوليائي عمّا يعُرُّهم ويسيئُهم، فشققتُ لها اسما من اسمي، وهذانِ الحسنُ والحسين، وانا المُحسنُ والمُجملِ، شققتُ اسميهما من اسمي. هؤلاءِ خيارُ خليقتي، وكرامُ بريتي، بهم آخُذُ وبهم اعطي، وبهم اعاقبُ وبهم اثيب. فتوسَّل الي بهم يا ادم. واذا دَهَتك داهيةٌ فاجعلهم اليّ شُفعاءَك، فانّي آليتُ على نفسي قسما حقّا، ان لا اخيب لهم امَلاً، ولا ارُدَّ لهم سائلاً" . ثمّ قال النبيّ صلّي الله عليه واله: "فلذلك حينَ زلّت منه الخطيئةُ دعا اللهَ عزّوجلّ بِهِم، فتاب عليه وغَفَر له" .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة