بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله بجميع محامده كلّها، على جميع نعمه كلّها. وأزكى الصلاة وأتمّها على نبيّ الرحمة، وهادي الأمّة، المصطفى، وعلى آله الهداة الأئمّة.
هات حدّث من آل بيت الرسول
سفن أمن العباد نسل البتول
حائزي المجد والسيادة والفضل
.. منيلي المقصود والمأمول
من أتانا بفضلهم جبرئيل
وحواميم (( هل أتي)) تنزيل
نسب شامخ وبيت مشيد
لهم جلّ عن نظير مثيل
هكذا هكذا وإلّا فلا، لا
طرق الحقّ غير الطرق الفضول
فبهم أرتجي من الله نيلي
لجنان بهنّ خير مقيل
غشيتهم من الإله سحاب
ما توالى سحاب فيض هطول
*******
إخوتنا الأعزّة الأكارم... السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في رحاب القرآن الكريم، وآفاقه العابقة النيرة، حيث نقرأ، ونرقأ، فتطيب قلوبنا بما نتلوه من آيات كريمات مباركات، فيها ذكر الله تبارك وتعالى، وقد شرّفنا بخطابه الشريف: يا أيها الناس، يا أيها الذين آمنوا، يا بني آدم. وفيها ذكر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وذكر أهل بيته ـ سلام الله عليهم ـ وما حكته الآيات حولهم من المآثر، والمكارم والمناقب والمفاخر، ما تترسّخ به عقيدتنا بفضلهم، بل وبأفضليتهم صلوات ربّنا عليهم. ولا يخفى على المسلم الواعي – أيها الإخوة الأفاضل – أنّ كتاب الله جلّ وعلا قد تنوّعت مواضيعه وأغراضه، فكان – على تفصيل – أثلاثاً، وعلى تفصيل آخر أرباعاً، حسبما نقل الرواة، منهم: الأصبغ بن نباتة وقد قال: سمعت أمير المؤمنين ـ عليه السَّلام ـ يقول: "نزل القرآن أثلاثاً: ثلث فينا وفي عدوّنا، وثلث سنن وأمثال، وثلث فرائض وأحكام". وابن نباتة هذا نقل عنه – والعهدة على الناقل – أنّه قال: قال عليّ ـ عليه السَّلام: "نزل القرآن أرباعاً: فربع فينا، وربع في عدوّنا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام، ولنا كرائم القرآن". هذا، فيما جاء عن ابن عبّاس أنّه قال – ولعلّ قوله هو رواية عن رسول الله ـ صلى الله عليه واله ـ لفظاً أو معني، أو عن الإمام عليّ ـ عليه السَّلام ـ والرواية في تفسير فرات الكوفيّ، قال: "إنّ القرآن أربعة أرباع: فربع فينا أهل البيت خاصّة، وربع في أعدائنا، وربع حلال وحرام، وربع فرائض وأحكام، وإنّ الله أنزل في عليّ كرائم القرآن. " والآن... لا بدّ – أيها الإخوة الأحبّة – من التأمّل في كلمتين وردتا: الأولى – كلمة (فينا)، والثانية (أهل البيت)، فمن تشملان هاتان الكلمتان يا ترى؟!
*******
إنّ (المنّية) بلفظة (منّا) إذا خرجت من فم المعصوم، نبياً كان أو إماماً وصياً، هي كلمة عظيمة جليلة، وذات بعد مقدّس شريف، إذ فيها نسبة وانتساب إلى أشرف الخلق وأكرمه على الله عزّ شأنه. وكذلك لفظة (فينا)، حيث يدخل حرف الجرّ (في) على ضمير المتكلّم (نا)، وهذا الضمير إذا فاه به النبيّ أو الامام فإنه يعني شيء عظيم لأنه يعود الى أهل بيت الوحي والرسالة والنبوّة والإمامة، وهم: محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين _صلوات الله عليهم_ فقد جعلهم الله تعالى، مشتركين في الخصائص العليا، حيث بلغ بهم أشرف محلّ المكرّمين، وأرفع درجات المرسلين، وأعلى منازل المقرّبين، في مقام أسمى لا يلحقه لاحق، ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق، ولا يطمع في إدراكه طامع! ومن آفاق الروايات المباركة يتجلّى لنا – إخوتنا الأعزّه – أنّ الزهراء فاطمة ـ عليها السَّلام – وهي من أهل بيت المصطفى – قد اشتركت معهم في خلقتها النورانية، وفي أصل الشجرة النبوية، وفي انبثاق الخلقة الأشرفية،... كذلك اشتركت معهم في كرائم الآيات القرآنية. وحول ذلك سيكون حديثنا في لقائنا الطيب القادم معكم – إخوتنا الأحبّة – إن شاء الله تعالي، حتّى ذلك الحين نرجو لكم أسعد الأوقات وأمتعها، وأهنأها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******