لا نزال نحدثكم عن الادعية المباركة ومنها دعاء الغيبة غيبة الامام المهدي(ع) وهو الدعاء المندوبة قراءته بعد فريضة العصر من يوم الجمعة، ومطلق الاوقات... وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا الى مقطع جديد ورد فيه (اللهم انا نسألك ان تأذن لوليك في اظهار عدلك)...
هنا يجدر بنا ان نلفت نظرك الى بعض النكات الواردة في هذا المقطع وفي سابقة حيث يمكنك اذا كنت متابع لاحاديثنا سابقاً ان تتذكر بان مقطع الدعاء السابق قد توسل بالله تعالى بان يعجل لنا ظهور الامام(ع) ووصفه بامام العدل هذا في المقطع السابق.
اما المقطع الحالي فقد وصفه بـ العدل ايضاً ولكن من خلال التوسل بالله تعالى بان يأذن الله تعالى للامام(ع) بالظهور وذلك لاظهار العدل.
ان هذا التكرار لسمة العدل له دلالته المهمة دون ادنى شك انه واحد من اداب التوسل بالله تعالى وهو اننا نساله تعالى اولاً ان يفرج عنا ما نكابده من انتشار الظلم، وفقدان العدل يفرج ذلك بظهور الامام(ع) مقرناً لصفة العدل لان الظلم او الجور هو المسيطر على الساحة وهذه هي المرحلة او التمهيد لحصول الظهور وتحققه حيث عبر الدعاء بالفقرة السابقة المتوسلة بظهور الامام العادل واما المرحلة الثانية فهي ان ظهوره(ع) لا يتحقق الا باذن الله تعالى وهذا ما عبر عنه الدعاء بالفقرة الحالية وهي(نسألك ان تأذن لوليك في اظهار عدلك)، والسؤال من جديد ما هي النكتة وراء هذا؟
الجواب هو ان الدعاء قد كرر كلمة العدل مرتين ومرة وصف الامام بالعدل ومرة وصفه باظهار العدل، والنكتة هي ان التكرار لظاهرة العدل تفسر لنا ـ من الزاوية البلاغية ـ ضخامة ما تكابده مجتمعاتنا من الظلم وفقدان العدل ولا نحسب ان سنواتنا المعاصرة التي نحياها الآن مثلاً بمنأى عن التوسل المذكور حيث ان القوى الاستكبارية بمختلف شرائحها تقتل وتفتك وتمثل وتخطف وتأسر وتسجف وتشرد العوائل ...الخ، وهذا ما يكابده المنتسبون الى المذهب الحق، مذهب النبي(ص) واهل بيته عليهم السلام والمهم ان التكرار لكلمة العدل يكشف لنا عن ضخامة ما يعانيه المنتسبون الى الاسلام الحقيقي، حيث ان فقدانه نهائياً على يد اعداء الاسلام من الداخل "كالنواصب" ومن الخارج كالدول الاستكبارية (امريكا والكيان الصهيوني) مثلاً وسواهما اولئك جيمعاً تفسر لنا دلالة غياب العدل تماماً وانتشار الظلم ومن ثم التوسل بالله تعالى بتعجيل ظهور الامام العدل ونشره(ع) لـ العدل.
اما العبارة الثانية في مقطع الدعاء الجديد، وهي العبارة المتوسلة بالله تعالى بان ياذن لوليه(ع) بقتل الاعداء دون سواه من العقوبات الدنيوية فيمكن توضيحه على هذا النحو ... السؤال هو لماذا القتل مثلاً دون سواه؟ والجواب هو ان القتل لهؤلاء الاعداء هو الخيار الاوحد، للتعامل مع العدو حيث لا امكانية لتعديل سلوك العدو وهل نتوقع ممن يعادي المنتسبين لمذهب اهل البيت عليهم السلام حيث يقتل العدو يومياً هذه الاعداد الكبيرة من الابرياء هل نتوقع من امثلة هؤلاء السفاحين ان يتوبوا الى الله تعالى؟ كلا بطبيعة الحال .. ان قتل النفس الواحدة البريئة كأنما قتل الناس جميعاً، فكيف بمن يقتلون الالاف من الابرياء؟ هل نتوقع قبول التوبة منهم؟ كلا. لذلك فان القتل دون غيره هو الخيار الاوحد لامام العصر(ع) حيال الاعداء القتلة.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من النكات التي لاحظناها بالنسبة الى هذا المقطع من الدعاء وهو المقطع الذي يتحدث عن العدل ويتحدث عن القتل يتحدث عن عدل الامام(ع) وعن القتل لاعدائه(ع).
المهم هو ان نتوسل بالله تعالى جديداً بان يعجل ظهور الامام(ع) وان يوفقنا لادراك ذلك فضلاً عن ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة بعامة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******