لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الخاص قراءته بعد زيارة الجامعة للائمة عليهم السلام وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونواصل حديثنا عن مقاطع جديدة منها المقطع المتوسل بالله تعالى بان يحبب الى قارئ الدعاء العبادة الى ان يقول (وتشرح صدري لايتاء الزكاة واعطاء الصدقات وبذل المعروف والاحسان الى شيعة آل محمد عليهم السلام ومواساتهم)، هذا المقطع من الدعاء خاص كما تلاحظ بالانفاق والانفاق من الزاوية النفسية يعد قمة السلوك السوي المنفتح على الآخر وذلك لسبب واضح هو ان المنفق يتجه الى الاخر في سلوكه بعكس المريض او البخيل حيث ينكفئ على ذاته لا يعرف سواها، المهم ان فقرة الدعاء لاحظت هذه الظاهرة السلوكية ولذلك قالت او توسلت بالله تعالى بان يشرح صدرنا للزكاة وغيره من وجوه الانفاق والسؤال هو ما هي النكات الكامنة وراء التوسل بالله تعالى بان يشرح صدورنا للانفاق؟
من الواضح ان الانفتاح على الآخر يعني سحق الذات والتوجه الى الغير، وسحق الذات او وأدها ليس من السهولة بل يحتاج الى وعي احد وتدريب على الانفتاح نحو الغير والسب ان الانفاق هو تقديم المال وهو من اشد الحاجات ضرورة للانسان ولذلك ليس من السهل تحقق ذلك بل يحتاج ـ كما قلنا ـ الى ملكة خاصة وصفها الدعاء بعبارة نفسية محكمة هي انشراح الصدر طبيعياً ثمة سؤال جديد يثار هنا وهو ان الانسان من الممكن ان ينفق امواله وهو غير راض عن ذلك اما لان الانفاق كالزكاة والخمس هو واجب مفروض على الشخصية او في نطاق ما هو مندوب فان الانسان قد يضطر خجلاً او احراجاً الى الانفاق دون ان يقترن برضاه لذلك حرص الدعاء على ان نكون منشرحي الصدر في انفاقنا أي نفرح بانفاقنا المال لان الفرح به يعني قمة السلوك السوي كما قلنا وهو اثر يحرص الدعاء على ان ننجح في تحقيق السلوك السوي.
هنا بعد ان لاحظنا بان الدعاء يتوسل بالله تعالى بان يشرح صدورنا للزكاة يردف ذلك بالتوسل بالله تعالى بان يشرح صدورنا للصدقات ايضاً هنا قد يثار السؤال الاتي وهو ما الفارق بين الزكاة والصدقة؟
الجواب ان الصدقة اتم من الزكاة التي هي تقديم حصة معينة من الاموال الخاصة باجناس محددة بينما الصدقة قد تكون زكاة وقد تتجاوزها الى انفاقات اخرى، سواء أكانت واجبة ام مندوبة والسر في ذلك هو ان الواجب من الانفاق كما اشرنا قد يضطر الشخص اليه لوجوبه بينما الانفاق المندوب يقترن بما هو طوعي وليس فرضاً وهذا يعني ان الدعاء يحرص على تدريبنا على السلوك السوي وهو تقديم المزيد من العطاء نحو الغير لنكتسب مزيداً من السوية في سلوكنا.
الظاهرة الثالثة التي وردت في مقطع الدعاء هي عبارة وبذل المعروف والاحسان الى شيعة آل محمد عليهم السلام ومواساتهم، هذه الفقرة من الدعاء تتجه الى تحقيق سلوك خاص هو مواساة شيعة اهل البيت عليهم السلام في كل ما نتوقعه من الحاجات التي تغلف حياتهم حيث ان الاحسان وهو ما حسن من الافعال وكذلك المعروف وهو ما يشمل مطلق الخير اذا صدر عن الشخصية حينئذ يكون الانفتاح نحو الغير لدى الشخصية المنفقة والمحسنة والعارفة قد بلغ اعلاه وهو المطلوب بالنسبة الى الشخصية الاسلامية.
اذن امكننا ان نتبين جوانب متنوعة من المعطيات المترتبة على الانفاق بالنسبة الى الشخصية الاسلامية حيث ان الانفاق يساهم في تعديل سلوك المنفق ويساهم في تحقيق التوازن الاجتماعي او التكافل الاجتماعي المتمثل في اشباع حاجات الناس كما هو واضح.
اخيراً نسأل الباري تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الواجب والمندوب من الانفاق وممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******