البث المباشر

شرح فقرة: يا من سخّر الشمس والقمر

الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 10:16 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من سخّر الشمس والقمر " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا من سخّر الشمس والقمر، يا من قدّر الخير والشر، يا من خلق الموت والحياة، ...). هذه الفقرات من مقطع الدعاء، تتناول جملة من المظاهر الابداعية لله تعالي، بعضها: يزاوج بين المتضادين مثل: الخير والشر، وبعضها يزاوج بين المتجانسين مثل الشمس والقمر. 
ويعنينا الآن ان نعرض لهذه المظاهر او الظواهر الابداعية وانعكاساتها في سلوكنا العبادي. 
بالنسبة الي الشمس والقمر، نجد ان هذين المظهرين من الابداع، قد اوضحه الدعاء بعبارة (يا من سخر الشمس والقمر) ولا نحسب اننا بحاجة كبيرة الي توضيح المعطيات المترتبة علي تسخير الشمس والقمر بالنسبة الي انعكاساتها علي التجربة البشرية.
ان الشمس ومعطياتها بالنسبة الي صلتها بحياتنا من حيث التكيّف الفيزيائي، والقمر بالنسبة الي التكيف الزمني، والحساب وما الي ذلك، لا تحتاج الي بيان مادام القرآن الكريم والاحاديث قد اسهبت في الاشارة الي المعطيات المتنوعة، فضلاً عما لاحظناه في لقاءات سابقة من حيث المعطيات المترتبة علي الليل والنهار، فيما لا حاجة الي تكرار الحديث عنها. 
بعد ذلك نواجه عبارة تنطوي علي ظاهرة التضاد بين الخير والشرّ، حيث تقول العبارة (يا من قدّر الخير والشّر). ان هذه العبارة تحتاج في تصورنا الي اثارة الأسئلة حيالها، فما هي الاستخلاصات التي يمكن لقارئ الدعاء ان يعرضها من خلال العبارة المتقدمة؟
هل ان الخير والشر يقصد بهما ما رسمه الله تعالي لنا من المبادئ الفردية والاحتجاجية، حيث أمرنا بفعل الخير، ونهانا من فعلالشر؟
كما انه من الممكن ان نستخلص دلالات اخري، بيد ان السياق الذي ورد فيه هذان المظهران، ثم ما يلي ذلك من العبارة القائلة(يا من خلق الموت والحياة)، ترشدنا الي ان الاشارة الي الخير والشر تظل متصلة بالتجربة العبادية، اي: الاختبار او الامتحان الإلهي للبشر في نجاحه او اخفاقه في العمل العبادي الذي خلقنا الله تعالي من اجله، ويدلنا علي ذلك الفقرة الجديدة، وتعني بها فقرة (يا من خلق الموت والحياة)، فماذا نستلهم منها؟ 
لا نحتاج الي كبير تأمل حتي ندرك سريعاً بأن الاشارة الي الموت والحياة هي ما استخلصناه قبل قليل، وهو: التجربة العبادية او الامتحان الالهي او الابتلاء الإلهي، وهذا ما نطقت به العبارة القرآنية الكريمة القائلة: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا»، اذن خلق الموت والحياة هو من اجل التجربة البشرية ومدي نجاحها في الابتلاء او الاختبار الإلهي الذي يستهدف ملاحظة مدي النجاح او الاخفاق في التجربة المذكورة. 
ان الله تعالي المح الي ان (الاحسن من العمل) هو المطلوب في التجربة العبادية، وهو ما نطقت به العبارة المذكورة في الآية الكريمة، وهذا يعني: ان المطلوب ليس هو العمل الحسن فحسب، بل الأحسن اي: الافضل، وهذا هو النكتة المهمة التي ينبغي النظر اليها: كما هو واضح. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة