البث المباشر

شرح فقرة: يا نعم المولى، يا نعم النصير

الإثنين 19 أغسطس 2019 - 13:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا نعم المولى، يا نعم النصير " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها الدعاء الموسوم بـ (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي انتهى بعبارة: (يا نعم المولى، يا نعم النصير). 
ان هذه العبارة مقتبسة من القرآن الكريم في اشارتها الى (المولى) والى (النصير) ويجدر بنا القاء الاضاءة على هذه العبارة واستجلاء دلالاتها. فماذا تعني؟ 
ان الله تعالى هو (المولى)، هو من يتولى امر الوجود، ومنه: أمر البشر، والمولى قد قرنه الدعاء بـ (نعم النصير)، ونعتقد ان عبارة(نعم المولى، نعم النصير) تعلن عن ذاتها بذاتها، فما دام (المولى) لغوياً يعني: المالك والسيد والمنعم والمحبّ، حينئذ نستخلص بوضوح ان الله تعالى هو نعم (المولى)، بصفته يتولى امور العبد، انه محبّ لعبده لذلك فهو نصير له، والنكتة في هذه العبارة القرآنية التي اقتبسها الدعاء هي: ان في التجربة البشرية طالما تظل العلاقة النسبية بين المولى والعبد مقترنة بامكانية استغلال الولاية وايذاء العبد، وهذا في التجربة البشرية من الوضوح، لكن عندما ننقل القضية الى الله تعالى وولاديته على عبده، فإن الامر ليختلف تماماً. انه بالعكس يقترن بنصرة الله تعالى لعبده، فتكون القدرة نصرة للعبد وليس ايذاء العبد. 
بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً على النحو الآتي: (يا سرور العارفين، يا منى المحبين، يا انيس المريدين، ...)، هذه العبارات يعرف دلالاتها ونكاتها السالكون او العرفاء ممن كشفت لهم بعض الحقائق وذلك من خلال تواصلهم مع الله تعالى ورياضتهم الروحية، حيث تعمق من التواصل بين الله تعالى وعبده، وهذا ما ينسحب على مصطلحات متجانسة من جانب، ومتفاوتة من جانب آخر، فمثلاً ورد مصطلح (العارف) و (المحب) و (المريد)، وكل مصطلح يحمل دلالة متجانسة من حيث الدلالة العامة و(هي التواصل مع الله تعالى)، ولكن تتفاوت درجة التواصل من جانب آخر والمهم في الحالات جميعاً ان يستحضر قارئ الدعاء هذه الدلالات التي يمكننا ان نوضح نكاتها سريعاً. 
(العارف) متواصل مع الله تعالى ولكنه مقرون بالبعد المعرفي، اي: المعرفة التوحيدية وملحقاتها. 
واما (المحب) فأمر واضح حيث يعني: الميل الى الطرف الآخر والتجاذب الروحي حياله، واما (المريد) فهو: درجة اعلى من (المحب). وفي الحالات جميعا ماذا تعنينا من العبارات المتقدمة؟ 
الجواب: ان كل مصطلح من المصطلحات المذكورة قد قرنها الدعاء بحالات نفسية تختلف دلالاتها، وهذا ما يقتادنا الى ملاحظة كل منها، ونبدأ بالاولى وهي عبارة: (يا سرور العارفين). فماذا نستخلص منها؟ 
بين، ان العارف (مسرور) بالله تعالى انه مأنوس بهذه العلاقة الروحية الى درجة انه يستوحش من الناس، وهو امر طالما اشارت النصوص الحديثية اليه عندما ذهبت الى ان من يخلو بالله تعالى يستوحش من الآخرين، والسبب هو: ان الله تعالى هو المشبع المطلق لحاجات الشخصية، انه هو المفيض للمعرفة، للحب، ولذلك (يُسّر) العبد العارف به لانه بعظمة ورحمة الله تعالى والامام علي (عليه السلام) نموذج ارفع لهذا النمط، بدليل ذهابه الى انه لا يزيده اجتماع الخلق ألفة، ولا يوحشه تفرقهم، وانما يأنس بالله تعالى وحده. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة