البث المباشر

شرح فقرة: يا ذخر من لا ذخر له

السبت 17 أغسطس 2019 - 10:08 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا ذخر من لا ذخر له " من دعاء الجوشن الكبير.

 

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير'>دعاء الجوشن الكبير حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا الى مقطع ورد فيه: (يا ذخر من لا ذخر له، يا حرز من لا حرز له، يا غياث من لا غياث له،...)، هذه العبارات تتجانس فيما بينها من حيث الدلالة، ونعني بها: النصرة من الله تعالى لعبده، ولكها تتفاوت في دقائق معانيها، والمطلوب الآن هو: ملاحظة الفوارق ما بينها وهذا ما نبدأ به: 
بالنسبة الى عبارة (يا غياث من لا غياث له) تعني، ان الله تعالى يعين المضطر الذي لا احد يغيثه غير الله تعالى، كمن يستغيث مثلاً من مرض عضال او فقر شديد الخ، واما عبارة (يا ذخر من لا ذخر له) تعني، اعداد الشيء وادخاره لوقت الحاجة، كمن يدخر طعاماً لأيام القحط مثلاً، وأما عبارة (يا حرز من لا حرز له) فتعني، المبالغة في حفظ الشيء في الصندوق مثلاً، والآن مع ملاحظة هذه الفوارق بين دلالات العبارات المتقدمة، وهي: الحرز، الذخر، الغياث، ماذا نستخلص منها؟ 
ان الله تعالى رحيم لا حدود لرحمته، كما هو واضح، والحاجة اليه تعالى منحصرة به دون ادنى شك من هنا، فان الاستعانة به في الحالات جميعاً تفسر لنا معنى رحمته، من هنا نجد ان مقطع الدعاء يقدم لنا مختلف حاجات العبد من حيث شدتها ونمطها، فمثلاً نجده حيناً يقدم استعارة او صورة رمزية لهذه الحاجات، فالذخر مثلاً يعني اعداد الشيء وادخاره لوقت الحاجة، وحينما يستخدم الدعاء هذه الصورة الاستعارية او الرمزية انما يعني، ان الله تعالى في عون عبده في اشد حالاته الى المساعدة، بحيث اذا انقطعت عنه هلك، وهذا لمن يدخر طعاماً لوقت القحط بحيث اذا فقد طعامه فقد حياته.
واما عبارة (يا حرز من لا حرز له )، فان صورتها الاستعارية او الرمزية تتمثل في المبالغة في حفظ الشيء، وهذا يجسد دلالة تختلف عن سابقتها في نمط ما يحتاج الانسان اليه، فالشيء النفيس مثلاً عندما يبالغ الشخص في حفظه، فهذا يعني، مثل الكنز ينتفع به في حالات خاصة لا تنسحب على ما هو اضطراري بل على ما هو قيم وثراء للانسان،... بينما تظل عبارة (يا غياث من لا غياث له) تعني عكس ذلك تماماً، اي: الاضطرار الشديد. 
اذن، كل مظهر من الاسماء المتقدمة له دلالته المختلفة عن غيره في نفس الوقت الذي تشترك فيه المظاهر في دلالة واحدة بالنحو الذي لا حظناه. 
بعد ذلك نواجه عبارات جديدة في مقطع الدعاء، وهي: (يا فخر من لا فخر له، يا عز من لا عز له،). 
هنا نجد عبارات تختلف الى حد ما عن سابقاتها، ولكنها في الواقع هي امتداد لما لاحظناه، كيف ذلك؟ 
ان (الفخر) و (العز) يجسدان حاجات معنوية، يظل الانسان الى توفرها في اشد الحاجة ايضاً، فكما ان الانسان مثلاً بحاجة شديدة الى الطعام او المال، كذلك بحاجة الى ان يحتل موقعاً اجتماعياً يتناسب مع عزّ الشخصية الاسلامية، لذلك ورد حث كبير على ان يكون الانسان عزيزاً، والا يسمح المؤمن لشخصيته بان يذلها، والامر كذلك بالنسبة الى الفخر، حيث يفتخر الانسان بكونه منتسباً الى الله تعالى، اي يفتخر بانتسابه الى اله تعالى وليس الى الاشخاص الآخرين، لذلك فان العزّ والفخر يظلان ـ في الواقع ـ عزاً وفخراً ينتسبان الى اله تعالى، وهل ثمة فخر او عز اعلى من الفخر والعز بالله تعالى؟ 
بعد ذلك يُختم مقطع الدعاء بعبارة (يا معين من لا معين له، يا انيس من لا انيس له، يا أمان من لا امان له، ...). 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة