البث المباشر

شرح فقرة: يا غني، يا ملي، يا حفي، يا رضي

الأحد 11 أغسطس 2019 - 10:43 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا غني، يا ملي، يا حفي، يا رضي " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: الدعاء الموسوم بـ (الجوشن الكبير) حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدّثك الآن عن أحد مقاطعه، حيث ورد فيها ما يأتي: (غنيّ، يا مليّ...)، هاتان السمتان (الغنيّ) و(المليّ) تظلاّن منتجانستين من حيث الاشتراك في الدلالة المستهدفة في مقطع الدعاء، والمطلوب هو: ملاحظة هذين المظهرين من عظمة الله تعالى، فماذا نستلهم منهما؟
بالنسبة الى عبارة (يا غنيّ)، يمكننا الذهاب الى أن هذه الكلمة (غنيّ) تحمل عدة دلالات، منها: الغني مطلقاً، اي: غير المحتاج الى الغير، وهذه الدلالة تعم مطلق ما هو ليس بحاجة الى الغير، يستوي في ذلك أن يكون بالمعنى المتقّدم او بمعنى آخر هو: الثريّ، ففي الحالتين ثمة صفة مطلقة هي: أن الله تعالى غني بذاته، مستغني عن الآخر والامر من الوضوح بمكان ما دمنا نقرّ بأن الله تعالى هو المبدع والخالق والمنشيء ما في الوجود جميعاً وبذلك يكون (غنياً) ليس بحاجة الى اي مخلوق.
واما بالنسبة الى كلمة او صفة (يا مليّ)، فماذا نستخلص منها؟
ثمة احتمالات متنوعة ينساق الذهن إليها بالنسبة الى مفردة (مليّ)، فهل بمعنى (مليّ)؟ ام انها بمعنى المدة او الطول الزمني، وفي الحالتين فان الذهن ينسبق الى دلالة هي: أن الله تعالى لا حدّ لأزلية وجوده، أو كما أنه تعالى (غنيّ) بذاته وكذلك ملي بذاته، كل ما في الامر أن (الغنى) هو: لا نقصان ينتابه، وأن (الملي) لا فراغ يطاله.
إذن الصفتان متجانستان، تشيران الى أنه تعالى لا يحتاج الى احد، بل كل شيء هو المحتاج اليه: كما هو واضح.
بعد ذلك نواجه صفتي (يا حفيّ، يا رضيّ) فماذا نستلهم منها؟
بالنسبة الى (رضيّ) يمكنا ان نستلهم دلالتها من الآية الكريمة القائلة عن المؤمنين في حالة دخولهم الجنة، بأنهم رضوا عن الله تعالى ورضي عنهم. 
من هنا فان (الرضي) هنا يعني: رضاه تعالى من عبده المطيع، وهو رضا لا يمكن لأحد أن يتصور عظمة حجمه، وذلك لأن رضاه تعالى هو الهدف اساساً من وراء ابداعه لتجربة الخلافة في الارض، حيث أنه تعالى عندما قال «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ» إنما استهدف ممارسة العبادة الحقة وهي الالتزام بمبادئ الحلال والحرام والمباح، وما يترتب على الالتزام من رضاه تعالى، وهذا عن صفة (رضيّ) ولكن ماذا بالنسبة الى عبارة (يا حفيّ)؟
الحفاوة هي العارف للشيء حق معرفته، او المعنيّ شديداً بتكريم العبد، وهذا هو قمة ما يتطلع اليه العبد عبر ممارسة للوظيفة العبادية.
إنّ الحفاوة من العبد الى اخيه، تحتل خطورة كبيرة في ميدان التجربة البشرية، فكيف بنا إذا أدركنا بأنّ الله تعالى هو (حفيّ) بنا؟ ما أسعدنا حينما نتبين بأن الله تعالى هو حفيّ بعبده!! إنّ تصور هذه الدلالة يجعل الشخصية متوترة من شدة فرحها الغامر باهتمامه تعالى بها، حيث ينطفئ كل شيء ويتلاشى عندما يغمرنا تعالى بالطاقة التي لا حدود لها.
بعدئذ نتجه الى مظاهر وردت في المقطع الذي نتحدث عنه، وهو المقطع الحادي والعشرون من دعاء الجوشن الكبير حيث جاء فيه: (يا زكيّ، يا بدي، يا قويّ، يا وليّ)، وبها ينتهي هذا المقطع.
المهم سنتحدث عن الصفات المذكورة في لقاءات لا حقة ان شاء الله تعالى، ونسأله تعالى أن يوفقنا الى طاعته، والتصاعد بممارستها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة