البث المباشر

شرح فقرة: "ولا تجعل القرآن بنا ماحلاً، ...".

الإثنين 5 أغسطس 2019 - 12:31 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " ولا تجعل القرآن بنا ماحلاً " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها أدعية الزهراء (عليها السلام)، حيث حدثناك عن أدعيتها دلخاصة بيوم الأحد، وأنتهينا من ذلك إلى مقطع ورد فيه: (اللهم صل على محمد وآل محمد، ولا تجعل القرآن بنا ماحلاً، والصراط زائلاً، ومحمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) عنا مولياً، ...) .
هذه العبارات امتداد لما سبقها من مقطع الدعاء، حيث ورد في عبارة سابقة حدثناك عنها في حينه أن يجعل تعالى قرائتنا لكتابه(تبصراً) أي نفيد منه ونعمل بموجبه... والان في هذه العبارات التي لاحظناها نجد أن الزهراء تقول: (لا تجعل القرآن بنا ماحلاً)بمعني: لا تجعل قراءتنا للقرآن، قراءة من يغفل ولا يتبصر بما يقرأ، حيث عبرت الزهراء (سلام الله عليها) على هذا ألمعنى بعبارة أستعارية هي (المحل)، أي: الجدب، فيكون المعني: اللهم لا تجعل قراءتنا للقرآن: كالارض ألقاحلة لاخصوبة فيها وبهذا فتبين معنى عبارة: (لا تجعل القرآن بنا ماحلاً) أي تقرأ بلا افادة من ذلك.
بعد ذلك تواجهنا عبارة (لا تجعل الصراط بنا زائلاً) هنا نجد أن الدعاء ينتقل من الدنيا الى اليوم الاخر، يوم المحاسبة وتحديد المصير والنقلة هنا من الدنيا الى ساحة الحساب تعني: لفت نظر الى وظيفتنا الدنيوية وانعكاسها على مصيرنا الأخروي، ولذلك فأن مجيء العبارة القائلة: لا تجعل الصراط بنا زائلاً، أي: لا تعرضنا لغضبك، ولا تزل أقدامنا عند عبور الصراط.
والآن مع ملاحظتنا لهذه النقلة أو الرابط بين الدنيا حيث يتعين علينا أن نستفيد من ألمباديء ألشرعية وفي مقدمتها القرآن الكريم، وبين الآخرة حيث ينبغي أن نعبر الصراط المسموح به لمن عمل بوظيفته العبادية، ثم (وهذا محط الالتفات اليه) الا يشيح النظر عنا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حيث أن محمداً واهل البيت (عليه السلام)، لا يغيبون عن الشخصية بل يتدخلون لصالحها، وهو أمر ينبغى أن يقترن بآداء وظيفتنا بالنحو المطلوب، وهذا ما ألمحت العبارة التي انتهى المقطع بها وهي: (ولا تجعل ... محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) عنا مولياً) .
بل وفقنا الى الطاعة بحيث يسر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)‌ بما قدمناه من الاعمال. 
بعد ذلك يواجهنا مقطع جديد يرسم لنا كيفية العمل بمبادئ الله تعالى، حيث يقول (اللهم اجعل غفلة الناس لنا ذكراً، واجعل ذكرنا لهم شكراً، واجعل صالح ما نقول بالسنتنا في قلوبنا، ...) ان هذا المقطع المشير الى الذكر والشكر مقابل الضد لهما وهما: الغفلة وعدم الشكر، يظل حافلاً بما هو صميم العمل العبادي ونعني به (الذكر) . 
والسؤال: ما هو الذكر؟ 
الجواب: الذكر هنا مقابل الغفلة، فالناس العاديون «غَافِلُونَ» عن وظيفتهم العبادية، بينما المطلوب هو: العمل بهذه الوظيفة، وهي: عدم التقصير في ممارسة واجباتنا والعكوف على ممارسة المندوب ايضاً وترك المحرم والمكروه، بل كما تكررت الاشارة الى ذلك ان العبد مدعو بان يجعل كل وقته عملاً عبادياً بما في ذلك: النوم، حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ليكن لك في كل شيء نية، حتى في الطعام والنوم . 
هنا يتعين علينا ان نلفت نظرك الى النكتة المنطوية عليها عبارة المقطع وهي: (اللهم اجعل غفلة الناس لنا ذكراً) . فما هي ذلك؟ 
من البين ان غالبية الناس هم «غَافِلُونَ» عن الله تعالي... ان الشخصية العبادية الحقة هي افضل من الملائكة، فاذا كانتالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ الله دون انقطاع، بحيث لا يفترون عن الذكر: فكيف بالشخصية البشرية الحقة أليس الاجدر بها الا تنقطع ابداً عن ذكر الله تعالي، وهذا ما حثنا الدعاء عليه حينما توسل بالله تعالى بان يجعل غفلة الناس (ذكراً) عند قارئ الدعاء.
ليس هذا فحسب إذ ليس المطلوب هو مجرد جعل (الذكر) لله تعالى هو: المطلوب استمرارياً بل كذلك جعل (الشكر) على هذا الذكر مطلوبا بدوره، بكلمة بديلة: ان الله تعالى عندما يوفقنا الى (الذكر) ينبغي علينا ان نشكره على هذا التوفيق ولذلك ورد في الاحاديث ان توفيقنا الى ان نشكره تعالى يحتاج الى شكر لله تعالي. 
بقي ان نحدثك عن العبارة الثالثة وهي: (اجعل صالح ما نقول بالسنتنا في قلوبنا) ، اي: أجعل ما ننطق به من الكلام منطلقاً من صميم قلوبنا وليس مجرد كلام منطوق اذن المطلوب هو: مطابقة الكلام لما في قلوبنا اي: الكلام ثم العمل به. 
اذن اتضح لنا الآن، ما حفلت به العبارات المتقدمة من مبادئ الشريعة الاسلامية، وكيفية التعامل مع هذه المبادئ ومن ثم التوسل بالله تعالى بان يجعلنا عاملين بها، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة