بسم الله وله الحمد والمجد أرحم الراحمين وأسنى صلواته وتحياته على رحمته الكبرى للعالمين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم أعزاءنا المستمعين، على بركة الله نلتقيكم في لقاءٍ آخر من برنامجكم هذا ومع مقطعٍ آخر من دعاء المعرفة الجليل الذي أمرنا بالتقرُّبِ الى الله عزوجلَّ في عصر غيبة خاتم أئمة العترة المحمدية بَقِيَّةُ اللَّهِ المهدي (أرواحنا فداه).
ومقطع هذه الحلقة هو الذي يأتي بعد أن يطلب المؤمن من الله عزوجلّ أن يُعَجِّلَ ظهور خليفته المهدي لكي يطفئ بعدله نيرانالْكَافِرِينَ، لأن هذه النيران التي تعصف أزماتها بالبشرية لا يمكن إطفاؤها إلا بالمهدي الموعود، لأنه كما يخاطب الدعاء الله عزوجل هو: (عبدك الذي إستخلصته لنفسك وارتضيته لنصرة دينك وإصطفيته بعلمك وعصمته من الذنوب وبرأته من العيوب وأطلعته على الغيوب وأنعمت عليه وطهرته من الرجس ونقيته من الدنس اللهم فصل عليه وعلى آبائه الطاهرين وعلى شيعته المنتجبين).
مستمعينا الأفاضل، هذا المقطع من الدعاء يشتمل على ذكر عشر خصوصياتٍ للإمام المهدي (عجل الله فرجه) صاربها الأمل الوحيد لإنقاذ البشرية من أزماتها وتحقيق طموحاتها الفطرية وتحقيق أهداف الرسالات النبوية كافة.
وقد عرفنا منها في الحلقات السابقة ثلاثاً، والخصوصية الرابعة هي التي تشيرإليها عبارة: (وإصطفيته بعلمك).
معنى (الإصطفاء) أعزاءنا هو أخذ صفو الشيء كما جاء في كتب اللغة، فاذا نسب الى الله عزوجلَّ فمعناه خلقه عزوجل لمخلوقٍ خالياً من أيِّ شائبة، أي أنَّ الإمام المهدي (عجل الله فرجه) قد خلقه الله عزوجل منزَّهاً عن كل شائبة، وقد أضاف الدعاء هذا الإصطفاء الإلهيَّ الى علمه عزوجل السابق بجدارة خليفته المهدي بهذا النمط السامي من الإصطفاء أي المقترن بتنزهه عن كل شائبة ونقص، لأنه (عليهم السلام) أهلٌ لذلك ومستعدٌ لتلقي هذه النعمة الإلهية الخاصة، وهذا هو المعنى المشار إليه في زيارة مولاتنا الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام) المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) حيث جاء فيها: (يا ممتحنة إمتحنك الله الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما إمتحنك صابرة).
مستمعينا الأكارم، وعلى ضوء ما تقدَّم يَتـَّضِحُ أن الله جلت حكمته قد اختار الإمام المهدي (عليه السلام) لتلك المهمة التأريخية التي يملأ عبرها الأرض قسطاً وعدلاً ويطفئ الله به نيران الظلم والجور لعلمه عزوجل بقدرته على ذلك لأنه المنزَّه عن كل شائبةٍ تعيق تحقق هذه المهمة التأريخية.
وهذا المعنى تؤكد وتكمله الخصوصية الخامسة المذكورة في عبارة: (وعصمته من الذنوب). فمعنى العصمة، هو الوقاية والحفظ ، ومعنى الذنوب هو كلُّ ما لا تحمد عُقباهُ إذ أن الذنب في اللغة هو التبعة السيئة لعمل الإنسان.
وهذا يعني أنَّ خليفة الله المهدي منزهٌ عن القيام بأيِّ عملٍ يستتبع آثاراً سيئة سلبية، ولذلك فهو الجدير بأصلاح العالم بطريقةٍ خالية من التبعات والآثار السيئة.
أما الخصوصية السادسة اعزاءنا المستمعين فهي التي تتضمَّنها عبارة: (وبرأته من العيوب)، معنى (برّأته) هو نزَّهته وجعلته بعيداً عن كل عيبٍ لا يدنو منه، أما معنى العيب فهو - كما ذكرت كتب فقه اللغة- كل ما يخرج عن الإعتدال وحدِّ الكمال ممّا يكرهه الإنسان بفطرته.
إذن فهذه الخصوصية تعني أنَّ خليفة الله المهدي (أرواحنا فداه) قد نزَّه نفسه بلطف الله عزوجلَّ من الإقتراب من كل إفراط وتفريط وكل ما يكره، وهذا ما يجعله (عليه السلام) قريباً من قلوب الناس لا تنفر عنه بل تستجيب له فطرياً، وهذا الأمر يعني أنَّ الآثار الإجتماعية لشخصيته (سلام الله عليه) تجعل الأرضية مناسبة لتقبل الناس لدعوته الإصلاحية الكبرى وبالتالي توفير أحد العوامل المهمة لنجاحها.
أيها الأخوة والأخوات، والخصوصية السابعة هي التي تذكرها عبارة: (وأطلعته على الغيوب)، ومعناها اللغوي واضحٌ، وضرورتها واضحة أيضاً لنجاح مهمة إصلاح العالم وإنهاء الظلم والجور وملءِ الأرض بالقسط والعدل، إذ أنَّ هذه المهمة الكبرى تحتاج الى إحاطةٍ علميةٍ بخفايا الأمور ومكائد الظَّالِمِينَ والعلل غير الظاهرة للمشاكل والأزمات والعقبات التي تعترض تحقق تلك الأهداف الإلهية الشاملة لكل البشرية بمختلف فئاتها وصنوفها ومشاكلها لذلك فلا يمكن لقائدٍ أن ينجز هذه المهمة الكبرى ما لم يكن متصلاً بعَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ لكي يطلعه الله جلِّ جلاله على الغيوب وما لا يمكن لبشرٍ أن يطلع عليه من تلك الأمور الخفية، وهذه هي الخصوصية التي حبا الله بها خليفته المهدي (أرواحنا فداه).
نشكر لكم اعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة) تقبل الله اعمالكم ودمتم في رعايته آمنين.