البث المباشر

شرح فقرة: "وجدد به ما امتحى من دينك، ..."

الثلاثاء 30 يوليو 2019 - 15:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وجدد به ما امتحى من دينك " من أدعية الإمام المهدي عليه السلام.

 

بسم الله وله الحمد والمجد والشكر والثناء أرحم الراحمين، وأزكى صلواته وبركاته وتحياته على أهل بيت رحمته الكبرى للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين. 
سلام من الله عليكم أيها الأحبة وأهلاً بكم في لقاء اليوم من برنامجكم هذا نواصل فيه استلهام دروس الحياة الطيبة ونستمطر سحائب الرحمة الإلهية من خلال التدبُّر في فقرات دعاء المعرفة الجليل المندوب لتلاوته في عصر غيبة خاتم الأوصياء المهدي الموعود (عجل الله فرجه). 
وقد انتهينا - أعزائنا - إلى مقطع يقول فيه الداعي بعد أن يطلب من الله تعجيل ظهور بقيته وخليفته المهدي: (اللهم ... وجدد به ما امتحى من دينك، وأصلح به ما بدل من حكمك وغيِّر من سنتك، حتى يعود دينك به وعلى يديه غضاً جديداً صحيحاً لا عوج فيه، ولا بدعة معه، حتى تطفئ بعدله نيران الْكَافِرِينَ).
نبدأ مستمعينا الأفاضل بالعبارة الأولى وفيها يعلمنا الدعاء الشريف أن نطلب من الله عزوجل أن يجدد بالإمام المهدي أي عند ظهوره (عجل الله فرجه) ما امتحي من دينه جل جلاله، فما هو المقصود بهذا الطلب؟
في الإجابة نقول: إن معنى التجديد في الأصل اللغوي هو إظهار ما اندرست آثاره وجعله معلماً واضحاً كالجادّة المتميزة عن سائر الأرض للناظرين.
أما معني (ما امتحي) فهو من (اندرس وزالت آثاره)، وعليه فإن هذا الدعاء الشريف يعلمنا أن نطلب من الله عزوجل تعجيل ظهور خليفته المهدي لكي يظهر ما اندرس وزالت آثاره من الدين الإلهي الْحَقِّ، ويجعله واضحاً يمكن للناس معرفته والعمل بمقتضاه.
ونلاحظ هنا أن التجديد يتضمَّن في الواقع أنّ هذا القسم الذي اندرست وزالت آثاره من الدين الإلهي بقي محظوظاَ ولكنه مغيَّبٌ لا يعرفه عامة الناس ولذلك لا يستطيعون العمل به، فيكون دور الإمام المهدي (عليه السلام) هو إظهار هذا القسم من الدين الإلهي وتعريف الناس به لكي يعملوا به.
ومن هذه العبارة من الدعاء نحصل على ثمرة أخرى وهي أن الْمُؤْمِنِينَ الذين يجتهدون في حفظ معالم الدين الإلهي الْحَقِّويجاهدون من أجل منع تغييبها ويسعون لتعريف الناس بها - حتى في عصر الغيبة - إنما يقومون عبر ذلك بمؤازرة الإمام المهدي (أرواحنا فداه) في القيام بمهمة تجديد ما امتحي وزالت آثاره من دين الله عزوجل.
أعزائنا المستمعين، وفي العبارة الثانية من هذا المقطع من الدعاء الشريف، نطلب من الله جل جلاله، أنْ يصلح بخليفته المهدي ما بُدِّلَ من حكمه عزوجل وما غير من سنته تبارك وتعالى، فما هي حقيقة هذا الطلب؟
في الإجابة عن هذا السؤال نستعين أولاً بحديث مهم رواه الشيخ ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي وكذلك الشيخ الطوسي في كتاب تهذيب الأحكام وغيرهما مسنداً عن مولانا الإمام جعفر الصادق (صلوات الله عليه) وفي هذا الحديث الشريف يتحدث الإمام عن إحدى مصاديق سيرة جدِّه الوصي المرتضى (سلام الله عليه) في الحكم، وبعد ذلك بكى الصادق (عليه السلام) وقال: (... والله ما بقيت لله حرمة إلا انتهكت، ولا عمل بكتاب الله ولا سنة نبيه في هذا العالم، ولا أقيم في الخلق حدُّ منذ قبض الله أمير المؤمنين [علياً] (عليه السلام)، ولا عمل بشيء من الْحَقُّ إلى يومنا هذا)، ثم قال (عليه السلام): (أما والله لا تذهب الأيام والليالي حتى يحيي الله الموتى ويميت الأحياء ويردَّ الله الْحَقُّ إلى أهله، ويقيم دينه الذي ارتضاه لنفسه ولنبيه (صلى الله عليه وآله)، فأبشروا ثمَّ ابشروا ثمَّ ابشروا، فوالله ماالْحَقُّ إلا في أيديكم).
أيها الأخوات والأخوة، لاحظتم في الحديث الشريف الذي قرأناه لكم آنفاً أن مولانا الإمام جعفراً الصادق (سلام الله عليه) يُصَرِّحُ بكل وضوح وبلغة جازمة يستخدم فيها أغلظ الأيمان وهي القسم بالله جل جلاله، أنه لم يعمل بكتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) ولا أقيم حدٌّ من الحدود الإلهية طبق ما أراده الله عزوجل منذ مقتل أمير المؤمنين (سلام الله عليه) ثم انتقال حكم المسلمين إلى طواغيت بني أمية وبني العباس ومن تلاهم.
في نهاية الحديث يشير الإمام الصادق (سلام الله عليه) إلى عصر الرجعة وقيام الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف)، وفيه يُرَدُّ الْحَقِّ إلى أهله ويقام الدين الإلهي الذي ارتضاه الله لنفسه ولنبيه (صلى الله عليه وآله) وهو الدين الذي حفظه أوصياء النبي الأكرم الإثنا عشر (عليه وعليهم السلام). 
وبعد هذه التوضيحات نعود إلى العبارة المذكورة من دعاء عصر الغيبة، فنقول انّ المقصود من إصلاح ما بُدِّلُ من حكم الله وغير من سنته عزوجل، هو في الواقع إقامة الأحكام والحدود الإلهية وإجراء سنن الله التشريعية وهي سنن نبيه المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وإقامتها بشروطها وضوابطها الأصلية النقية وضمن إطار الدين الْحَقِّ الذي ارتضاه عزوجل وإزالة التحريفات التي ابتدعها الطواغيت الذين غصبوا خلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحكموا بما تقتضيه أهواؤهم وبدَّلوا في دين الله وحدوده بما شاءته شهواتهم خلافاً لحكم الله وسنته جل جلاله. 
وإلى هنا أعزائنا مستمعي إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في إيران ينتهي الوقت المخصص للقاء اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة) تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته آمنين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة